محتويات

آداب المجالس عند العرب
من المعلوم لدى الجميع أنَّ هنالك آداباً للمجالس عندنا نحن معشر العرب على كلِّ واحد منّا مراعاتها واتباعها، حيث أنَّ لكل بيت حرمة مهما كان حجمه أو مكانته، وأن على كلٍّ منّا إنْ يصون حرمة بيته وبيت غيره على حدٍّ سواء؛ لأنَّ بيوت الناس هي في الحرمة متكافئة، ومن ينتهك حرمة بيت غيره فعندها يكون قد عرض نفسه لغضب أهل البيت المنتهك.[١]
ومن جملة تلك الآداب:
الدخول إلى المجالس بوجه طلق وابتسامة على الوجه
ويعتبر هذا الأدب من أجمل الآداب العربية الخاصة في المجالس والجلوس فيها؛ حيث إنَّ الابتسامة تعطي انطباعاً جيداً لدى الجالسين عند الدخول إلى المجالس، وفي الحقيقة فإن طلاقة الوجه وبشاشته عند الالتقاء من الآداب الواجبة في جميع المجالس.[٢]
فالابتسامة هي حبل المودة، وأول قرى الضيف، وطلاقة الوجه هي عنوان الضمير، حيث أنّها تزيل ما يمكن أن يعكّر اللقاء، وتجلب الصفاء والمحبة، وبها تستهل آداب المجالس.[٢]
تُعدُّ الآداب الإسلامية خير مثال على ذلك،[٣] حيث قال الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم في هذا الأدب: "تبسُّمك في وجه أخيك صدقة..."[٤].
الجلوس حيث ينتهي بك المجلس
ويعتبر العرب هذا الأدب بأنَّ له الفائدة في الحفاظ على ركازة المجلس وعدم العبث به أو إثارة الفوضى فيه، حيث يجلس الداخل إلى المجلس في المكان الذي يخصص له، وهو المكان الذي يتم أخذه إليه ويبر، وليس ذلك الذي يسحب منه ويجر، أو أن يجلس في المكان الذي ينتهي به المجلس، موقناً أن المجلس الذي يرفع إليه خير من المجلس الذي يحط منه، وأن الدعوة من بعيد أكثر من مرّة، أفضل وأحسن من الإقصاء من قريب مرة.[٢]
وتعدُّ الآداب الإسلامية خير مثال على ذلك، وفيه قول الصحابي جابر بن سمرة رضي الله عنه: "كنَّا إذا أتينا النبي صلَّى الله عليه وسلَّم جلس أحدنا حيث ينتهي به المجلس"[٥]، وفي حال حدَّد صاحب البيت مكان الجلوس وجب عليك الجلوس حيث أخبرك؛ حيث إنَّه أعلم ببيته وعوراته.[٦]
عدم إقامة أحد والجلوس مكانه
حيث أنَّ ذلك يعتبر عند العرب من سوء الأدب وتقليل الاحترام للجالسين، حيث أنَّ الآداب الإسلامية تعتبر خير مثال على ذلك، حيث إنَّه عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "لا يقيم الرجلُ الرجلَ من مقعده ثمَّ يجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا "[٧] متفق عليه.[٨]
إذا دخل الضيف والمجلس قد امتلئ فيجب التفسيح له
ويعتبر هذا الأدب من أجلِّ الآداب عند العرب، وتعدُّ الآداب الإسلامية خير مثال على ذلك، ومنه قول الله عزَّ وجلَّ: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ ..."[٩]، ومنه قول عمر رضي الله عنه:" ثلاثة يصفين لك وجه أخيك: أن تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجالس، وتدعوه بأحب الأسماء إليه".[٨]
عدم الانفراد بالحديث
ويعتبر العرب أنَّ من الأدب عدم تفرّد أحد الجالسين بالكلام والحديث، بل يفسح المجال لغيره للمشاركة في الحديث؛ حتى يسلم المرء من جرح نيته بأن يعلو فوق أقرنائه بأنَّه الأعلم والأفضل وما إلى ذلك مما يضيّع أجر العمل، بل يفسح المجال لمن يريد الحديث أن يدلو بدلوه، فكلُّ واحد لا بُدَّ أن يكون عنده فائدة معيّنة.[١٠]
وفي المقابل يجب الإقبال على وجه المتحدث؛ فهذا يُعَدُّ من حسن الاستماع، وعلى المتحدث ألا يجعل الجالسين يملّون من كثرة الكلام، وفي ذلك قول الحسن رحمه الله: حدِّثوا الناس ما أقبلوا عليكم بوجوههم، فإذا التفتوا فاعلموا أنَّ لهم حاجات.[١٠]
آداب أخرى عامة في المجالس
وهنالك بعض الآداب الأخرى التي يراعى الأخذ بها في المجالس:[١١]
- رئيس المجلس هو كبير الأسرة أو القبيلة، وذلك بحسب حجم المجلس، ويجلس في صدره مقابلاً لجميع الزوار والحاضرين.
- صاحب المجلس يستقبل الزائرين ويقوم بتقديم الضيافة لهم مثل الشاي أو القهوة العربية.
- إلقاء التحيّة على جميع من في المجلس بغير استثناء، وفي حال حضر شخص والمجلس قد أقيم وقد بدأ الجميع بالحديث والتحاور، يدخل ويكتفي بالسلام برفع اليد فقط، وعدم مقاطعتهم، تجنّباً لتشتيت الأفكار.
- تحديد موضوع الحوار أو النقاش في المجلس من قبل صاحب المجلس بالاتفاق مع باقي الحاضرين.
- احترام الجميع وعدم الحديث أو الكلام بشكل عشوائي، بل عند الرغبة في الحديث يتم الاستئذان، وعدم مقاطعة أحاديث الآخرين.
- الضحك بطريقة مناسبة حينما يستدعي الأمر ذلك، وعدم القهقهة ورفع الصوت فيها.
- عدم الانشغال بالهاتف المحمول، أو استقبال المكالمات الهاتفية أثناء حضور المجالس، إلا في الحالات الضرورية، حينها يقوم الشخص بالاعتذار من الحضور ويخرج للرد على مكالمته.
- الالتزام بالجلوس بأدب واحترام في المجلس، وعدم وضع رجل على رجل، أو التمايل وإزعاج الجالسين أو الحاضرين في المجلس.
- المشاركة بشكل فعّال في المجلس، من خلال طرح أفكار بنّاءة والابتعاد عن الغيبة والنميمة والحديث عن الآخرين في ظلِّ غيابهم.
- الانصراف بعد الانتهاء من المجلس بشكل مؤدب والسلام على جميع الحاضرين بدون استثناء، مع تقديم الشكر لصاحب المجلس والدعاء له أن يجعل الله مجلسه عامراً بالخير والبركات.
- عدم الحديث في مسائل تجاريةٍ وأمورٍ ماليةٍ في مجالس العزاء وتجنب الضحك بصوتٍ عالٍ أو المزاح بشكل مخلٍّ للمروءة وللمجلس.[١٢]
- عدم التدخين داخل المجلس لعدم إيذاء غير المدخنين .[١٢]
- عدم رفع الصوت أثناء الحديث مع الجالسين بعيداً عن المتحدث.[١٢]
المراجع
- ↑ جواد علي، كتاب المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام ج9، صفحة 25. بتصرّف.
- ^ أ ب ت سلامة بن هذال بن سعيدان (30/11/2007)، "مجالسة الرجال وآدابها"، صحيفة الجزيرة، اطّلع عليه بتاريخ 27/3/2022. بتصرّف.
- ↑ عبد الله بن جار الله الجار الله، آداب المجلس لفهد البدراني، صفحة 17. بتصرّف.
- ↑ [ناصر الدين الألباني]، كتاب صحيح وضعيف سنن الترمذي، صفحة 4-456.
- ↑ محمد بن عيسى الترمذي، صحيح سنن الترمذي، صفحة 3-90.
- ↑ عبد الله بن جار الله الجار الله، آداب المجلس لفهد البدراني، صفحة 18. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إسماعيل البخاري، صحيح البخاري، صفحة 2784.
- ^ أ ب عبد الله بن جار الله الجار الله، آداب المجلس لفهد البدراني، صفحة 19. بتصرّف.
- ↑ سورة المجادلة، آية:11
- ^ أ ب عصام بن محمد الشريف (22/8/2017)، "آداب المجالس في الإسلام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 15/3/2022. بتصرّف.
- ↑ أمينة أحمد (24/5/2019)، "آداب الحديث في المجالس"، زهرة الخليج، اطّلع عليه بتاريخ 27/3/2022. بتصرّف.
- ^ أ ب ت عبدالله الهدلق (2/3/2017)، "آدابُ المجالس وخوارمُ المرؤة"، صحيفة الوطن، اطّلع عليه بتاريخ 27/3/2022. بتصرّف.