أبواب علم المعاني

أبواب علم المعاني

أبواب علم المعاني

إنّ أبواب علم المعاني كثيرة ومتنوّعة، ولعلّ أبرز هذه الأنواع هي:

الخبر والإنشاء

إنّ الخبر هو إخبار المتكلّم للمخاطب عن شيء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل، وهذا الشيء قد يحتمل التصديق أو التّكذيب، وذلك على نحو قول الشّاعر:[١]

وتغتابني في كلّ نادٍ تحلّه

وتزعم أني لستُ كفئًا مثلكا

للخبر أنواع ثلاثة، وهذه الأنواع هي كالآتي:[٢]

  • الابتدائي

وهو عندما يُلقى الكلام على مخاطب خالي الذهن من غير مؤكّدات، مثل قول الشاعر:

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي

وأسمعت كلماتي من به صمم[٣]
  • الطلبي

وهو عندما يُلقى الكلام على مخاطب متردّد في الحكم شاكًّا فيه، فيُلقى إليه بمؤكدٍ واحد خلال الكلام، مثل قول الشاعر:

إنّ الذي بمقال الزور يضحكني

مثل الذي بيقين الحقّ يبكيني

ففي الجملة السّابقة مؤكّد واحد هو "إنّ".

  • الإنكاري

في هذا النوع يُلقى الكلام على مخاطب منكر لحكم الخبر وما جاء به، فهُنا يستخدم المخاطب مؤكّدين أو أكثر، مثل قول الشاعر:

إنّا لقومٌ أبت أخلاقنا شرفًا

أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا[٤]

المؤكّدات هي "إنّ، واللام الابتدائيّة".

في ضوء ما سبق، تُؤكَّد الجملة الخبريّة بواحدة من المؤكدات الآتية، وهي: "إنّ، لا الابتداء، أما الشرطية، السّين، قد، ضمير الفصل، القسم، نونا التوكيد، الحروف الزائدة، حروف التنبيه".[٥]

أمّا الأسلوب الإنشائي فيُقسم إلى قسمين فيما يأتي:[٦]

  • الإنشاء الطلبي

يُقسم الإنشاء الطلبي إلى عدة أقسام، هي كالآتي:

  • النهي

من ذلك قوله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا}.[٧]

  • الاستفهام

من ذلك قوله تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}.[٨]

  • التمنّي

من ذلك قوله تعالى: {يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ}.[٩]

  • النداء

من ذلك قوله تعالى: {يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا}.[١٠]

  • الأمر

من ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا}.[١١]

  • الإنشاء غير الطلبي

يُقسَم هذا الإنشاء إلى أقسام عدة، وهي كالآتي:[١٢]

  • المدح والذّم

من ذلك قول الشاعر:

نعم امرأ هرم لم تعر نائبة

إلا وكان لمرتاع لها وزرا
  • التّعجّب

من ذلك قول الشاعر:

أولئك قومي بارك الله فيهم

على كلّ حال ما أعفّ وأكرما[١٣]
  • القسم

من ذلك قول الشاعر:

لعمرك ما الدّنيا بدار إقامة

إذا زال عن نفس البصير غطاؤها[١٤]
  • الرجاء

من ذلك قول الشاعر:

لعلّ انحدار الدّمع يعقب راحة

من الوجد أو يشفي شجي البلابل[١٥]
  • صيغ العقود

من ذلك قولهم: بعتُ واشتريتُ، وغير ذلك.

الحذف

إنّ كلًّا من المسند والمسند إليه المكوِّنَين الرئيسَين للجملة قد يلحقهما الحذف، وذلك لأغراض بلاغية، ومن ذلك ما يأتي:[١٦]

دواعي حذف المبتدأ

قد يُحذَف المبتدأ لأسباب بلاغية كثيرة، ومنها الآتي:[١٧]

  • الاحتراز عن العبث

وذلك إذا وقع المبتدأ في جواب الاستفهام، نحو قوله تعالى: {كَلَّا ۖ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ}.[١٨]

  • إذا وقع بعد الفاء المقترنة بجوب الشرط

نحو قوله تعالى: {مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ}.[١٩]

  • إذا وقع المبتدأ بعد القول وما اشتقّ منه

نحو قوله تعالى: {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ}.[٢٠]

  • ضيق المقام عن إطالة الكلام

وذلك إمّا للتوجع أو للخوف من فوات الفرصة، وذلك نحو قول الشاعر:

قال لي: كيف أنت؟ قلتُ عليلٌ

سهرٌ دائمٌ وحزنٌ طويلٌ

دواعي حذف الخبر

ليس للخبر سوى سبب واحد ذَكره علماء البلاغة، وهو الاحتراز من العبث بذكر ما لا ضرورة لذكره، وذلك على نحو إجابة من يسأل: من هو شاعر العربية الأكبر؟ فيقول المُجيب: أبو الطّيب المتنبي، ولا يُذكر الخبر هُنا احترازًا.[٢١]

الإيجاز

قسم البلاغيون الإيجاز إلى نوعين، هما الآتي:[٢٢]

  • إيجاز القصر

وهو ما زاد معناه على لفظه، وذلك على نحو قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}،[٢٣] فقد أفادت هذه الجملة أنّ القصاص الذي يحصل بعد القتل يردع الإنسان عن إلحاق الأذى بالآخرين، وعليه يكون سببًا للحياة.

  • إيجاز الحذف

وهو ما يُحذف منه شيء مع وجود قرينة على الحذف، وذلك على نحو قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا}،[٢٤] والتّقدير: أهل القرية وأصحاب العير.

الإطناب

زيادة اللفظ على المعنى لفائدة، وذلك على نحو قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَٰلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَٰؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ}،[٢٥] فإنّ قوله "أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين" هو إطناب غرضه توضيح الغموض الواقع في كلمة "الأمر".[٢٦]

المساواة

أن يكون اللفظ مساوٍ للمعنى لا يزيد عنه ولا ينقص،[٢٦] وذلك على نحو قوله تعالى: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}.[٢٧]

المراجع

  1. ابن النجار الفتوحي، شرح الكوكب المنير، شرح مختصر التحرير، صفحة 306. بتصرّف.
  2. عبد العزيز عتيق، علم المعاني، صفحة 52 - 54. بتصرّف.
  3. "واحر قلباه ممن قلبه شبم"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 22/3/2022.
  4. "سلي الرماح العوالي عن معالينا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 22/3/2022.
  5. عبد العزيز عتيق، علم المعاني، صفحة 55-58. بتصرّف.
  6. جامعة المدينة العالمية، كتاب البلاغة 2، صفحة 350-351. بتصرّف.
  7. سورة لقمان، آية:18
  8. سورة الرحمن، آية:60
  9. سورة القصص، آية:79
  10. سورة الأحزاب، آية:13
  11. سورة آل عمران، آية:200
  12. عبد العزيز عتيق، علم المعاني، صفحة 71 - 74. بتصرّف.
  13. "أولئك قومي بارك الله فيهم"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 22/3/2022.
  14. "لعمرك ما الدنيا بدار إقامة"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 22/3/2022.
  15. "خليلي عوجا من صدور الرواحل"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 22/3/2022.
  16. محمد أحمد قاسم، علوم البلاغة "البديع والبيان والمعاني"، صفحة 312 - 315. بتصرّف.
  17. محمد أحمد قاسم، علوم البلاغة "البديع والبيان والمعاني"، صفحة 315 - 317. بتصرّف.
  18. سورة الهمزة، آية:4 - 6
  19. سورة فصلت، آية:46
  20. سورة الذاريات، آية:29
  21. عبد العزيز عتيق، علم المعاني، صفحة 128. بتصرّف.
  22. محمد كالو، علم المعاني، صفحة 35 - 39. بتصرّف.
  23. سورة البقرة، آية:179
  24. سورة يوسف، آية:82
  25. سورة الحجر، آية:66
  26. ^ أ ب محمد كالو، علم المعاني، صفحة 29 - 35. بتصرّف.
  27. سورة فاطر، آية:43
8 مشاهدة
للأعلى للأسفل