محتويات

قصيدة طربت وعناك الهوى والتطربُ
يقول امرؤ القيس في وصف ليلى:
طَرِبتَ وَعنّاكَ الهَوى وَالتَطَرُّبُ
- وَعادَتكَ أَحزانٌ تَشوقُ وَتَنصِبُ
 
وأَصبَحتَ من لَيلى هَلوعاً كَأَنَّما
- أَصابَكَ مومٌ من تِهامةَ مورَبُ
 
أَلا لابَلِ الأَشواقُ هاجَت هُمومَهُ
- وَأَشجانَهُ فالدَمعُ لِلوَجدِ يَسكُبُ
 
وَلَيلى أَناةٌ كالمَهاةِ غَريرَةٌ
- منعَّمَةٌ تُصبي الحَليمَ وَتخلبُ
 
كأَنَّ ثَناياها تَعلَّلنَ موهِناً
- غَبيقاً مِن الصَهباءِ بَل هيَ أَعذَبُ
 
وَما أُمُّ خِشفٍ شادِنٍ بخَميلةٍ
- من الدَهسِ منه هايلٌ وَمُكَثَّبُ
 
يَعِنُّ لَها طَوراً يَروقُها
- عَلى الأُنسِ منه جرأةٌ وَتَوثُّبُ
 
بأَحسنَ منها مُقلةً ومقَلَّداً
- وَإِن هيَ لَم تُسعِف وَطالَ التَجَنُّبُ
 
وَما رَوضةٌ وسميَّةٌ حَمويَّةٌ
- بِها مونقاتٌ من خُزامى وَحُلَّبُ
 
تَعاورَها وَدقُ السَماءِ وَديمَةٌ
- يَظَلُّ عَلَيها وَبلُها يَتَحَلَّبُ
 
بأَطيبَ منها نَكهَةً بَعدَ هجعَةٍ
- إِذا ما تَدلّى الكَواكبُ المتصَوِّبُ
 
فَدَع ذِكرَ لَيلى إِذا نأتكَ بوِدِّها
- وَإِذ هيَ لا تَدنو إِلَيكَ فَتسقُبُ
 
أَتَتنا تَميمٌ قَضُّها بقَضيضِها
- وَمَن سارَ من أَلفافِهم وَتأشَّبوا
 
بَرَجراجةٍ لا يُنفِدُ الطَرفُ عَرضَها
- لَها زَجَلٌ قَد احزأَلَّ وَمَلحَبُ
 
فَلَمّا رَأَيناهم كأَنَّ زُهاءَهم
- عَلى الأَرضِ إَصباحاً سوادٌ وَغُرَّبُ
 
سَمَونا لهم بالخَيلِ تَردي كَأَنَّها
- سَعالٍ وَعِقبانُ اللِوى حينَ تُركَبُ
 
ضَوامِرُ أَمثالُ القِداحِ يَكُرُّها
- عَلى المَوتِ أَبناءُ الحُروبِ فتحرَبُ
 
فَقالوا الصَبوحَ عِندَ أَولِ وَهلَةٍ
- فَقُلنا لهم أَهلٌ تَميمٌ وَمَرحَبُ
 
أَلَم تَعلَموا أَنّا نَرُدُّ عدوَّنا
- إِذا احشوا شَدوا في جَمعِهم وَتأَلَّبوا
 
بِضَربٍ يَفُضُّ الهامَ شِدَّةُ وَقعِهِ
- وَوَخزٍ تَرى منه التَرائِبَ تَشخُبُ
 
فَلاقوا مِصاعاً مِن أُناسٍ كَأَنَّهم
- أسودُ العَرينِ صادِقاً لا يُكَذِّبُ
 
فَلَم تَرَ منهم غَيرَ كابٍ لِوَجهِهِ
- وآخرَ مَغلولٍ وآخر يَهرُبُ
 
وَلَم يَبقَ إِلّا خَيفَقٌ أَعوجيَّةٌ
- وَإِلّا طِمِرُّ كالهِراوَةِ مِنهَبُ
 
وَفاءَ لنا منهم نِساءٌ كَأَنَّها
- بِوَجرَةَ وَالسُلّانِ عينٌ وَرَبرَبُ
 
وَنحن قَتَلنا عامِراً وابنَ أُمِّهِ
- ووافاهُما يَومٌ شَتيمٌ عَصَبصَبُ
 
وَغودِرَ فيها ابنا رِياحٍ وَحَبتَرٍ
- تَنوشُهمُ طَيرٌ عِتاقٌ وأذؤُبُ
 
وَيعدو بِبَزّي هَيكلُ الخَلقِ سابِحٌ
- مُمَرٌّ أَسيلُ الخَدِّ أَجرَدُ شَرجَبُ
 
كَأَنّي غَداةَ الرَوعِ من أُسدِ زارةٍ
- أَبو أَشبُلٍ عَبلُ الذِراعَينِ مِحرَبُ
 
وَلَمّا رأَيتُ الخَيلَ تَدمي نُحورُها
- كَررَتُ فَلَم أَنكُل إِذا القَومُ هَيَّبوا
 
حَبَوتُ أَبا الرَحالِ مِنّي بطَعنَةٍ
- يَمُدُّ بِها آتٍ مِن الجَوفِ يَزعَبُ
 
فَلَم أَرقِهِ إِن يَنجُ منها وَإِن يَمت
- فَجيَّاشَةٌ فيها عَوانِدُ تَثعَبُ
 
وَقَد عَلِمَت أَولى المُغيرَةِ أَنَّني
- كَررَتُ وَقَد شَلَّ السوامُ المُعَزِّبُ
 
وَنَهنَهتُ رَيعانَ العَديِّ كَأَنَّهُ
- غَوارِبُ تَيّارٍ من اليَمِّ يُجنَبُ
 
فَسائِل بَني الجَعراءِ كَيفَ مِصاعُنا
- إِذا كَرَّرَ الدَعوى المُشيحُ المَثوِّبُ
 
قصيدة أمن ذكر سلمى إذ نأتك تنوص
ويقول في سلمى:
أَمِن ذِكرِ سَلمى إِذ نَأَتكَ تَنوصُ
- فَتَقصِرُ عَنها خُطوَةً وَتَبوصُ
 
وَكَم دونَها مِن مَهمَهٍ وَمَفازَةٍ
- وَكَم أَرضُ جَدبٍ دونَها وَلُصوصُ
 
تَراءَت لَنا يَوماً بِجَنبِ عُنَيزَةٍ
- وَقَد حانَ مِنها رِحلَةٌ فَقُلوصُ
 
بِأَسوَدَ مُلتَفِّ الغَدائِرِ وارِدٍ
- وَذي أُشُرٍ تَشوقُهُ وَتَشوصُ
 
مَنابِتُهُ مِثلُ السُدوسِ وَلَونُهُ
- كَشَوكِ السِيالِ فَهوَ عَذبٌ يَفيصُ
 
فَهَل تَسلِيَنَّ الهَمَّ عَنكَ شِمِلَّةٌ
- مُداخَلَةٌ صُمُّ العِظامِ أَصوصُ
 
تَظاهَرَ فيها النِيُّ لا هِيَ بَكرَةٌ
- وَلا ذاتُ ضِغنٍ في الرِمامِ قَموصُ
 
أَؤوبٌ نَعوبٌ لا يُواكِلُ نُهزُه
- إِذا قيلَ سَيرُ المُدلِجينَ نَصيصُ
 
كَأَنّي وَرَحلي وَالقِرابُ وَنُمرُقي
- إِذا شُبَّ لِلمَروِ الصِغارِ وَبيصُ
 
عَلى نَقنَقٍ هَيقٍ لَهُ وَلِعُرسِهِ
- بِمُنعَرَجِ الوَعساءِ بيضٌ رَصيصُ
 
إِذا راحَ لِلأُدحِيِّ أَوباً يَفُنُّه
- تُحاذِرُ مِن إِدراكِهِ وَتَحيصُ
 
أَذَلِكَ أَم جَونٌ يُطارِدُ آتُن
- حَمَلنَ فَأَربى حَملُهُنَّ دُروصُ
 
طَواهُ اِضطِمارُ الشَدِّ فَالبَطنُ شازِبٌ
- مُعالى إِلى المَتنَينِ فَهُوَ خَميصُ
 
بِحاجِبِهِ كَدحٌ مِنَ الضَربِ جالِبٌ
- وَحارِكُهُ مِنَ الكُدامِ حَصيصُ
 
كَأَنَّ سُراتَهُ وَجُدَّةَ ظَهرِهِ
- كَنائِنُ يَجري بَينَهُنَّ دَليصُ
 
وَيَأكُلنَ مِن قُوٍّ لَعاعاً وَرَبَّةً
- تُجَبَّرَ بَعدَ الأَكلِ فَهُوَ نَميصُ
 
تَطيرُ عِفاءٌ مِن نَسيلٍ كَأَنَّهُ
- سُدوسٌ أَطارَتهُ الرِياحُ وَخوصُ
 
تَصَيَّفَها حَتّى إِذا لَم يَسُغ لَه
- حُلِيٌّ بِأَعلى حائِلٍ وَقَصيصُ
 
تُغالِبنَ فيهِ الجَزءَ لَولا هَواجِرٌ
- جَنادِبُها صَرعى لَهُنَّ فَصيصُ
 
أَرَنَّ عَلَيها قارِباً وَاِنتَحَت لَهُ
- طُوالَةُ أَرساغِ اليَدَينِ نُحوصُ
 
فَأَورَدَها مِن آخِرِ اللَيلِ مَشرَب
- بَلائِقُ خُضراً ماؤُهُنَّ قَليصُ
 
فَيَشرَبنَ أَنفاساً وَهُنَّ خَوائِفٌ
- وَتَرعُدُ مِنهُنَّ الكُلى وَالفَريصُ
 
فَأَصدَرَها تَعلو النِجادَ عَشِيَّةً
- أَقَبُّ كَمِقلاءِ الوَليدِ خَميصُ
 
فَجَحشٌ عَلى أَدبارِهِنَّ مُخَلَّفٌ
- وَجَحشٌ لَدى مِكَرِّهِنَّ وَقيصُ
 
وَأَصدَرَها بادي النَواجِذِ قارِحٌ
- أَقَبٌّ كَسِكرِ الأَندَرِيِّ مَحيصُ
 
قصيدة لمن طلل أبصرته فشجاني
ويقول في هند:
لِمَن طَلَلٌ أَبصَرتُهُ فَشَجاني
- كَخَطِّ زَبورٍ في عَسيبِ يَمانِ
 
دِيارٌ لِهِندٍ وَالرَبابِ وَفَرتَني
- لَيالِيَنا بِالنَعفِ مِن بَدَلانِ
 
لَيالِيَ يَدعوني الهَوى فَأُجيبَهُ
- وَأَعيُنُ مَن أَهوى إِلَيَّ رَواني
 
فَإِن أُمسِ مَكروباً فَيا رُبَّ بَهمَةٍ
- كَشَفتُ إِذا ما اِسوَدَّ وَجهُ جَبانِ
 
وَإِن أُمسِ مَكروباً فَيا رُبَّ قَينَةٍ
- مُنَعَّمَةٍ أَعمَلتُها بِكِرانِ
 
لَها مِزهَرٌ يَعلو الخَميسَ بِصَوتِهِ
- أَجَشُّ إِذا ما حَرَّكَتهُ اليَدانِ
 
وَإِن أُمسِ مَكروباً فَيا رُبَّ غارَةٍ
- شَهِدتُ عَلى أَقَبِّ رَخوِ اللَبانِ
 
عَلى رَبَذٍ يَزدادُ عَفواً إِذا جَرى
- مِسَحٍّ حَثيثِ الرَكضِ وَالزَأَلانِ
 
وَيَخدي عَلى صُمٍّ صِلابٍ مَلاطِسٍ
- شَديداتِ عَقدٍ لَيِّناتِ مَتانِ
 
وَغَيثٍ مِنَ الوَسمِيِّ حُوٍّ تِلاعُهُ
- تَبَطَّنتُهُ بِشيظَمٍ صَلِتانِ
 
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدبِرٍ مَع
- كَتَيسِ ظِباءِ الحُلَّبِ الغَذَوانِ
 
إِذا ما جَنَبناهُ تَأَوَّدَ مَتنُهُ
- كَعِرقِ الرُخامى اِهتَزَّ في الهَطَلانِ
 
تَمَتَّع مِنَ الدُنيا فَإِنَّكَ فاني
- مِنَ النَشَواتِ وَالنِساءِ الحِسانِ
 
مِنَ البيضِ كَالآرامِ وَالأُدمِ كَالدُمى
- حَواصِنُها وَالمُبرِقاتِ الرَواني
 
أَمِن ذِكرِ نَبهانِيَّةٍ حَلَّ أَهلُه
- بِجِزعِ المَلا عَيناكَ تَبتَدِرانِ
 
فَدَمعُهُما سَكبٌ وَسَحٌّ وَدَيمَةٌ
- وَرَشٌّ وَتَوكافٌ وَتَنهَمِلانِ
 
كَأَنَّهُما مَزادَتا مُتَعَجِّلٍ
- فَرِيّانِ لَمّا تُسلَقا بِدِهانِ
 
قصيدة قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزِل
ويقول في فاطمة:
قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ
- بِسِقطِ اللِوى بَينَ الدَخولِ فَحَومَلِ
 
فَتوضِحَ فَالمِقراةِ لَم يَعفُ رَسمُه
- لِما نَسَجَتها مِن جَنوبٍ وَشَمأَلِ
 
تَرى بَعَرَ الآرامِ في عَرَصاتِه
- وَقيعانِها كَأَنَّهُ حَبُّ فُلفُلِ
 
كَأَنّي غَداةَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلو
- لَدى سَمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنظَلِ
 
وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطِيِّهُم
- يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَمَّلِ
 
وَإِنَّ شِفائي عَبرَةٌ مَهَراقَةٌ
- فَهَل عِندَ رَسمٍ دارِسٍ مِن مُعَوَّلِ
 
كَدَأبِكَ مِن أُمِّ الحُوَيرِثِ قَبلَه
- وَجارَتِها أُمِّ الرَبابِ بِمَأسَلِ
 
فَفاضَت دُموعُ العَينِ مِنّي صَبابَةً
- عَلى النَحرِ حَتّى بَلَّ دَمعِيَ مِحمَلي
 
أَلا رُبَّ يَومٍ لَكَ مِنهُنَّ صالِحٌ
- وَلا سِيَّما يَومٍ بِدارَةِ جُلجُلِ
 
وَيَومَ عَقَرتُ لِلعَذارى مَطِيَّتي
- فَيا عَجَباً مِن كورِها المُتَحَمَّلِ
 
فَظَلَّ العَذارى يَرتَمينَ بِلَحمِه
- وَشَحمٍ كَهُدّابِ الدِمَقسِ المُفَتَّلِ
 
وَيَومَ دَخَلتُ الخِدرَ خِدرَ عُنَيزَةٍ
- فَقالَت لَكَ الوَيلاتُ إِنَّكَ مُرجِلي
 
تَقولُ وَقَد مالَ الغَبيطُ بِنا مَع
- عَقَرتَ بَعيري يا اِمرَأَ القَيسِ فَاِنزُلِ
 
فَقُلتُ لَها سيري وَأَرخي زِمامَهُ
- وَلا تُبعِديني مِن جَناكِ المُعَلَّلِ
 
فَمِثلُكِ حُبلى قَد طَرَقتُ وَمُرضِعٍ
- فَأَلهَيتُها عَن ذي تَمائِمَ مُحوِلِ
 
إِذا ما بَكى مِن خَلفِها اِنصَرَفَت لَهُ
- بِشِقٍّ وَتَحتي شِقُّها لَم يُحَوَّلِ
 
وَيَوماً عَلى ظَهرِ الكَثيبِ تَعَذَّرَت
- عَلَيَّ وَآلَت حَلفَةً لَم تُخَلَّلِ
 
أَفاطِمَ مَهلاً بَعضَ هَذا التَدَلُّلِ
- وَإِن كُنتِ قَد أَزمَعتِ صَرمي فَأَجمِلي
 
وَإِن تَكُ قَد ساءَتكِ مِنّي خِلقَةٌ
- فَسُلّي ثِيابي مِن ثِيابِكِ تَنسُلِ
 
أَغَرَّكِ مِنّي أَنَّ حُبَّكِ قاتِلي
- وَأَنَّكِ مَهما تَأمُري القَلبَ يَفعَلِ
 
وَما ذَرَفَت عَيناكِ إِلّا لِتَضرِبي
- بِسَهمَيكِ في أَعشارِ قَلبٍمُقَتَّلِ