التفكيكية عند جاك دريدا

التفكيكية عند جاك دريدا

مفهوم التفكيكية عند جاك دريدا

تُعرف التفكيكية أنّها نسق من التحليل، أو استراتيجية للتفكير، تأسّست على يد الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا، وسعى من خلالها إلى الكشف عما هو مُهمّش، أو غير واضح في النصوص الفلسفية الكلاسيكسة، مُنذ الفلاسفة اليونان، وحتّى الفلاسفة المُعاصرين، فخالف دريدا رأي أفلاطون في الحقيقة، باعتباره عدّها ذات أُسس قبلية، ولم يرَ الكتابة إلا وسيلة للتواصل، أمّا دريدا فأكّد على قيمة الكتابة.[١]

يقول جاك دريدا: "ما الذي لا يكون التفكيك ؟ كل شيء! ما التفكيك ؟ لا شيء"، ومن هنا يبدأ دريدا بالتعرف بالتفكيك على أنّه ليس كالمنهجيات الكلاسيكسة أو الحداثية، فكلّ السرديات العقلانية، التي تُعدّ قيمة أساسية بُنيت عليها كلاسيكيات الفلسفة والأدب بدأ دريدا بزلزلتها، ومن هنا يُمكن القول إنّ دريدا بدأ ناقدًا شرسًا للحداثة، وأعلن موت السرديات الكبرى في الفلسفة.[٢]

من ناحية أخرى عرف المُفكرون التفكيك عند دريدا أنّه مُمارسة أنثروبولوجية وجينالوجية في إطار القراءة، ممّا يعني أنّ جذور التفكير التفكيكي عند دريدا تأثّرت بالفلسفات التي نقدت الحداثة أهمّها فلسفة نيتشه التي أثرت كثيرًا في دريدا، فقلب مبحث القِيَم في الفلسفة وهاجم الحداثة وقيمها.[١]

أمّا الفلسفات الأخرى التي أثّرت على مفهوم التفكيك فهي فلسفة هايدغر، فالفهم الهايدغري للوجود في كتاب الكينونة، والزمان قصد به هايدغر التفكيك، وليس الهدم، واكتشاف الطابع الذي يربط العناصر ببعضها البعض، كما أنّ استراتيجية دريدا هي نفس أسلوب نيتشه الذي شكك في قدرة العقل على خلق قِيَم سامية.[١]

فاعلية القراءة التفكيكية في الفلسفة والأدب

إنّ فاعلية استراتيجية التفكيك تبدأ بالحفر في المقولات الخفية التي بُني عليها النص، وإجراء حوار بين النص، والقارئ، وهذا الأمر يتطلّب وعي بالغ، وإنصات لِما بين السطور، وتجدر الإشارة إلى أنّ التفكيكية ظهرت كرد فعل على البنيوية، التي أسّسها ألتوسير، وفوكو، وشتراوس، وأرجعت كلّ شيء للبنية المعرفية، إلّا أنّ كلاهما يشترك في النقد الحاد للحداثة.[١]

آليات التفكيك عند دريدا

يرتكز دريدا في فلسفته التفكيكية على مجموعة من الآليات، وهي كالآتي:[٣]

  • الاختلاف المرجئ
عارض دريدا فكرة الحضور وهي أساس فلسفة أفلاطون، وحتّى هيغل، ويعني ذلك أنّ الوعي لا يعترف به إلّا بما هو حاضر، ولكن دريدا هاجم الميتافيزيقا بالاستعانة بمقولة الاختلاف، أمّا الإرجاء فيعني أنّ الدلالة مُستمرة وتوقفها مستحيل.
  • الأثر
وهي مقولة تفكيكية تُركّز على إمكانيّة تحقُّق ديناميكية الحضور والغياب، وقال دريدا عنه أنّه بُنية تحليل الآخر، يشمل الانزياح الذي يتضمّنه الاختلاف.
  • الانتشار وتناثُر المعنى
ويقصد بهذه الآلية أنّ المعنى يتوزع في عناصر النص ولا يرتبط بعنصر واحد، ومن هذه المقولة هدم دريدا فكرة مركزية المعنى التي نادى بها الفلاسفة الحداثيون.
  • مناهضة اللوغو مركزية
وهي آلية جديدة صاغها دريدا لتحدي وما يطمح التفكيك له هو هدم المركزية في النص، وبؤر المعاني التي ارتبطت بالعقلانية.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث أوعشرین منیر، قیم الحداثة في فلسفة جاك دریدا، صفحة 17-45. بتصرّف.
  2. حنان حطاب ، إشكالية الاختلاف في تفكيكية جاك دريدا، صفحة 16-22. بتصرّف.
  3. أحمد العزري، تلقي التفكيكية في النقد العربي الحداثي علي حرب أنموذجًا، صفحة 47-55. بتصرّف.
6 مشاهدة
للأعلى للأسفل