.jpg)
نص الآية
قال الله -تعالى- في سورة البقرة: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ)،[١]وفيما يأتي بيان ما ورد في تفسير هذه الآية:
معاني المفردات
فيما يأتي بيان معاني المفردات اللغوية الواردة في هذه الآية، وهي:[٢][٣]
- ثقفتموهم: أي وجدتموهم.
- الفتنة: الفتنة في اللغة معناها الاختبار، ولكنّها جاءت في هذه الآية بمعنى الشرك والصدّ عن الدين.
- أشدّ: أعظم.
سبب النزول
جاءت هذه الآية الكريمة مناسبِةً ومتصلةً بما ورد قبلها من آياتٍ تتحدثُ عن موضوع الحج وعدم صحة إتيانِ البيوت من ظهورها أثناء الإحرام، وذِكر الأهلّة التي هي عبارةٌ عن مواقيت زمانيَّةٍ للعبادة، فالحج له وقتٌ مخصوصٌ في أشهرٍ قمريَّةٍ معروفةٍ تسمى الأشهرُ الحرم، وقد كان القتالُ مُحرماً في هذه الأشهر في الجاهلية، فجاءت هذه الآيةُ لتبيّن للمسلمين مشروعية القتال في الأشهر الحرم في حالة الدفاع عن الدين إذا تَطلّب الأمرُ ذلك وحصلَ عدوانٌ على المسلمين في هذا الوقت.[٤]
المعنى الإجمالي للآية
يأذنُ الله -تعالى- للمؤمنين في هذه الآية بأن يقاتلوا المشركين نصرةً للدين وإعلاءً لكلمة الله ودفاعاً عن أنفسهم وأعراضهم، وأن يُخرجوهم من مكّة كما أخرجهم المشركون منها من قبل، وكما فتنوهم عن دينهم بالتعذيب والتنكيل والتهجير والقتال، فإنّ فتنة الصد عن سبيل الله والشرك في حرمه أعظم من قتل المشركين فيه، فالعقيدة هي أغلى ما يملكه المسلم، وليس هناك أشد على المسلم من محاربته وإيذائه في دينه وعقيدته، فالدين هو سبيل النجاة وسر السعادة في الدارين، وهو الذي من أجله يبذل المسلمُ روحه رخيصةً في سبيل الله.[٥]
وقد أخبر الله -تعالى- المؤمنين ألا يتحرّجوا من قتل المشركين حيثما وجدوهم وحيثما تمكنوا منهم، وألا يهابوا ذلك حتى لو وجدوهم داخل الحرم المكي، وقد أمر الله -تعالى- المسلمين ألا يبادروا بقتال المشركين في أرض الحرم، تعظيماً لحرمته، ولكنه أذن لهم بقتالهم إذا بادرهم المشركون بذلك، فهذا هو ما يستحقه الكافرون المحاربون لله والرسول، فإذا تراجع المشركون عن شركهم وصدهم عن سبيل الله أو عن قتال المؤمنين في الحرم فيجب على المؤمنين أن يتوقفوا أيضاً، وسيغفر الله لمن آمن منهم، كما قال -تعالى- في الآية الآتية: (فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).[٦][٧]
وبيّن الله -تعالى- للمؤمنين في نهاية الآية السابقة لهذه الآية أنّه يجب عليهم ألا يكونوا معتدين، فلا يعتدوا ببدء القتال، أو بقتال غير المقاتلين، كالنساء والشيوخ والأطفال والعاجزين، ولا يعتدوا بهدم البيوت والممتلكات أو حرقها أو نهبها، أو قطع الأشجار وتخريب الثمار، فهذا ليس من أخلاق المؤمنين ولا من هدي الإسلام، ثم بيّن -تعالى- فيما بعد الحكمة من القتال في الإسلام؛ وهي القضاءُ على فتنة الصدّ عن الدين، وأن تكون كلمة الله هي العليا، وأن تُمنح الحرية لكل مؤمنٍ في إقامة شعائر الدين وعبادة الله دون خوفٍ من أحدٍ، فقال -تعالى-: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ۖ فَإِنِ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ).[٨][٩]
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية:191
- ↑ جلال الدين المحلي، تفسير الجلالين، صفحة 40. بتصرّف.
- ↑ أبو جعفر النحاس، معاني القرآن، صفحة 106. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 177-178. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 179. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:192
- ↑ مجموعة من المؤلفين، التفسير الميسر، صفحة 30. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:193
- ↑ وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 179-180. بتصرّف.