ذكرى غزوة بدر

ذكرى غزوة بدر

بدر الكبرى

بدرٌ هو اسمٌ لبئر ماءٍ تقع بين مكّة والمدينة، وقد وقعت عندها غزوةٌ من غزوات المسلمين ضد كفار قريش، وقاد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- جيش المسلمين، وأمّا جيش قريش فكان بقيادة أبي جهل، وأطلق على هذه الغزوة اسم غزوة بدر الكبرى، كما عُرفت باسم آخر هو يوم الفرقان، وقد كانت معركةً فاصلةً، وتحدّث عنها القرآن الكريم في سورة الأنفال.[١]

ذكرى غزوة بدر الكبرى

تاريخ الغزوة

وقعت غزوة بدرٍ في اليوم السابع عشر من شهر رمضان، في السنة الثانية للهجرة، وكان يوم جمعةٍ حسب أقوال كثيرٍ ممن المؤرخين، وكانت معركةً فاصلةً نصر الله -عزّ وجلّ- فيها المسلمين، وهزم المشركين شر هزيمةٍ.[٢]

سبب الغزوة

يرجع سبب الغزوة إلى أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- سمع بقافلةٍ لقريش قادمةٍ من الشام يقودها أبو سفيان؛ فأرسل عددًا من المسلمين لتتبّعها؛ حيث كانت قريش توظّف مالها في محاربة المسلمين والاستعداد لقتالهم، ولمّا علم أبو سفيان بتعقّب المسلمين لقافلته، أرسل إلى قريش يخبرهم؛ فاستعدّوا وجهّزوا جيشًا للخروج لقتال المسلمين.[٣]

جيش المسلمين

شاور النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أصحابه في الخروج لقتال قريش، فأشاروا عليه بالخروج بما فيهم الأنصار، فخرج معه -عليه الصلاة والسلام- ثلاثمئة رجلٍ وعشر أو يزيدون قليلًا، وكانوا من المهاجرين والأنصار، وكان معهم فرس، أو فرسان، وسبعون بعيرًا، حيث كان كل ثلاثة رجال يتعاقبون على بعيرٍ واحدٍ.[٢]

علم الرسول -عليه الصلاة والسلام- من خلال العيون التي أرسلها لتحري أخبار قريش، بأن أبي سفيان نجى بقافلته، وأن جيش مكة متجه للقائه، عندها اجتمع عليه الصلاة والسلام مع قادة الجيش، من المهاجرين والأنصار لاستشارتهم مرَّةً أخرى، فأجمعوا على خوض المعركة، حتى لا تعلو مكانة قريش، فاستبشر الرسول -عليه الصلاة والسلام- خيرًا بموافقة المسلمين، وأخبرهم ببشارة الله -تعالى لهم.[٤]

وصول جيش المسلمين إلى أرض المعركة

تحرك الرسول بجيشه إلى جهة بدر، وأشار عليه الحباب بن المنذر -رضي الله عنه- بأن يُعسكر الجيش قرب بئر بدر؛ فيشربون هم من الماء ويمنعون قريش عنه، فاستجاب النبي لمشورته، وألقى الله -تعالى- النوم على أعين المسلمين؛ فناموا، ومع الصباح رتّب النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الجيش، واستعدوا للقاء قريش.[٤]

أحداث الغزوة

بدأت الغزوة بالمبارزة؛ فقام كل من عتبة بن ربيعة، وأخوه شيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، بالخروج من صفوف المشركين، وطلبوا المبارزة، فخرج إليهم كلٌّ من عبيدة بن الحارث، وحمزة بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم، فبارز حمزةٌ شيبةً فقتله، ثم بارز عليٌّ الوليدَ فقتله، أما الحارث وعتبة فقد ضرب كلٌّ منهما الآخر، عندها أجهز على عتبة كل من حمزة وعلي -رضي الله عنهما-، ثم التحم الجيشان بالقتال.[٥]

وكان الرسول -عليه الصلاة والسلام- في هذه الأثناء يناجي الله -تعالى- ويتضرّع إليه بالدعاء؛ فأوحى الله إلى الرسول بقوله: (إِذ تَستَغيثونَ رَبَّكُم فَاستَجابَ لَكُم أَنّي مُمِدُّكُم بِأَلفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُردِفينَ)،[٦] ثم خرج الرسول -عليه الصلاة والسلام- وأخذ حفنة من الحصى، ورمى بها قريش وقال: "شاهت الوجوه"، فلم تترك أحداً من المشركين إلا أصابته في عينيه، أو أنفه، أو فمه، وتصديقاً لذلك جاء قوله تعالى: (وَما رَمَيتَ إِذ رَمَيتَ وَلـكِنَّ اللَّـهَ رَمى).[٧][٥]

استمرّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يحرض المسلمين على القتال ويحثّهم؛ فزاد نشاط المسلمين، وهجموا على المشركين هجوماً كاسحاً، وأخذوا يقلبون الصفوف، ويقطعون الأعناق، وكان الرسول أقرب منهم إلى المشركين ويقاتل معهم، وكانت الملائكة تقاتل معهم، وتؤيّدهم.[٨]

بدأت هزيمة المشركين تظهر حيث اضطربت صفوفهم، وأخذوا بالتراجع والفرار، ولحق بهم المسلمون يقتلوهم، ويأسروهم، إلا أن أبا جهل حاول تشجيع الجيش بالصمود، ولكنهم لم يصمدوا، وقتل المسلمون المشركين الذين التفوا حول أبي جهل، وظهر أبو جهل، فتوجه إليه غلامان هما: معاذ ومعوّذ فضرباه حتى قتلاه، وبعدها أجهز عليه عبد الله بن مسعود، ثم توجه ابن مسعود إلى الرسول وأخبره بأنه جز رأس أبي جهل.[٩]

نتائج الغزوة

انتهت الغزوة بهزيمة المشركين ونصر الله -تعالى- للمسلمين، واستشهد من المسلمين أربعة عشر رجلاً، ستَّةٌ من المهاجرين وثمانيةٌ الأنصار، أما المشركون فقد قُتل منهم سبعون، وأُسِر سبعون، واستشار النبيّ أصحابه في أمر الأسرى؛ فأشار أبو بكر بأخذ الفدية، وأشار عمر بن الخطاب بقتلهم، إلّا أنّ النبيّ أخذ برأي أبي بكر، وأخذ منهم الفدية، ومنّ -عليه الصلاة والسلام- على عددٍ منهم؛ فأطلق سراحهم بغير فداءٍ مقابل تعليم عددٍ من غلمان المسلمين الكتابة.[١٠]

المراجع

  1. السيد الجميلي، غزوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، صفحة 30-35. بتصرّف.
  2. ^ أ ب إبراهيم العلي، صحيح السيرة النبوية، صفحة 158-165. بتصرّف.
  3. أبو الحسن الندوي، السيرة النبوية، صفحة 299-305. بتصرّف.
  4. ^ أ ب محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 130-135. بتصرّف.
  5. ^ أ ب السيد الجميلي، غزوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، صفحة 36-37. بتصرّف.
  6. سورة الأنفال، آية:9
  7. سورة الأنفال، آية:17
  8. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 141-145. بتصرّف.
  9. إبراهيم العلي، صحيح السيرة النبوية، صفحة 176-177. بتصرّف.
  10. أبو الحسن الندوي، السيرة النبوية، صفحة 311-314. بتصرّف.
427 مشاهدة
للأعلى للأسفل