كيف سقطت غرناطة

كيف سقطت غرناطة


واقعة سقوط غرناطة

في جمادى الأولى من عام 897 للهجرة كانت واقعة سقوط غرناطة؛ حيث بدأ الإسبان بالزحف إلى غرناطة، فقاموا بحصارِها والتضييق على أهلها، وكان أميرها آنذاك محمد الصغير، الذي شهد الحصار والتضييق إلى أنّه أبى أن يُسلمها.[١]


لكن الأحداث لم تكن محالفة له؛ حيث أصيب سكان غرناطة بمجاعة شديدة، مما جعل أهل الرأي يقومون بالمشورة على محمد الصغير بأن يعقد صلحًا معهم، لكنّه رفض ذلك وبقي على موقفه، مع أن فرديناند ملك الأسبان قد عرض عليه أن يخرج إلى أي مدينة، من مدن الأندلس يرغب في العيش فيها مقابل تسليمه غرناطة.[١]


ولكن رفض محمد الصغير هذا العرض مما جعلهم يُضيقون الحصار أكثر على غرناطة، فاشتدّ الجوع الذي هم فيه، وازداد حجم المجاعة التي يعيشها أهل المدينة، فلجأ عندها محمد الصغير إلى التفاوض مع فرديناند ليُسلّمه غرناطة، وبعث مندوبين للقيام بهذه المهمّة؛ فقاموا بتوقيع معاهدة لتسليمهم غرناطة تتضمن ستة وخمسين بندًا.[١]


وأول هذه البنود هو تعهد محمد الصغير ومن معه من حاشية وبطانة بتسليم غرناطة خلال ستين يومًا من تاريخ توقيع المعاهدة، وهذا ما حدث فعلًا، حيث تمّ تسليم غرناطة في ربيع الأول من نفس العام، ولجأ بعدها الأمير محمد الصغير إلى المغرب واستقر في مدينة فاس حتى توفاه الله، وكانت هذه الواقعة هي نهاية الحكم الإسلامي للأندلس.[١]

أسباب سقوط غرناطة

لم يكن سقوط غرناطة أمرًا مفاجئًا، حيث سبقه الكثير من العوامل والأسباب التي أدت إلى سقوطها، وفيما يأتي بيان تلك العوامل والأسباب:[٢]

  • سيادة الفرقة وعدم الاتحاد بين أمراء الأندلس قبل سقوطها؛ حيث كانوا متفرقين لا تجمعهم كلمة، ولا يتَّحدون على رأي.
  • انتشار الضعف والهوان في الجيوش الإسلامية

حيث ساد الجبن بينهم، بعدما كان جيش الأندلس معروف بإقدامه وشجاعته، وكان يجاهد في سبيل الله -تعالى- ويسعى لرفع راية الإسلام، ولا يخشون على أنفسهم من موت أو غيره.


  • استدراج بعض أهل الأندلس من قبل العدو

فأخذوا المال والرشوة مقابل الاستسلام والسماح لهم بالاستيلاء عليها.


  • وقوع التقصير من المسلمين وذلك بتهاونهم في أمور دينهم

وعدم تعاونهم على الأعداء، وانشغالهم في أمور الترف وجلب المال وبناء القصور والبحث عن الرفاهية والكماليات، وبالمقابل تركهم الجهاد وانشغالهم عن التدريبات العسكرية والحربية.[٣]


  • انتشار الاضطرابات الداخلية بين المسلمين

وذلك بسبب التنافس على المناصب، وانشغال المسلمين بهذه الثورات.[٣]


  • اتّحاد النصارى من الإسبان مع نصارى الدول الأوروبية

وكان ذلك تحت إشراف البابا، وكان سبب اتحادهم هو كسر المسلمين، والسيطرة على الأراضي الأندلسية عن طريق إخراج المسلمين منها.[٤]


مصير المسلمين بعد سقوط غرناطة

لم يكن سقوط غرناطة نهاية المأساة التي أصابت المسلمين في الأندلس؛ فبعدما لجأ الأمير محمد الصغير إلى المغرب، بقي المسلمون تحت سيطرة الإسبان، والذي أودى بهم إلى الوقوع بمصيبة أعظم هو نقض الملكان الكاثوليكيان للمعاهدة التي تمّ توقيعها مع المسلمين.[٥]


وقاما بوضع مخططات تهدف إلى إبادة المسلمين والقضاء عليهم، وأول ما كانا يهدفان لتدميره هو عقيدة المسلمين؛ حيث قاموا بتشكيل محاكم تفتيش؛ ومهمة تلك المحاكم هي تعقب كل من يؤدي أي شعيرة من شعائر الإسلام، مع أنّ المعاهدة التي وقعوها مع المسلمين تكفل لهم حرية تأديتهم الشعائر الدينية، والحفاظ على لغتهم وعاداتهم، ولم يمنعوا عنهم في نصوص المعاهدة إلا حمل السلاح.[٦]


وكان ذلك سبباً في جعل بعض المسلمين يدّعون النصرانية ويبطنون الإسلام، وهم الذين عُرفوا بالمسلمين المورسكيين، ويُقصد بذلك المسلمون الصغار، واستمر المسلمون في الأندلس يعانون الاضطهاد، ويقاومون أشكال القمع التي كانت تُصيبهم لأكثر من قرن كامل؛ وذلك للدفاع عن عقيدتهم ووجودهم والإرث التاريخي الذي تركوه في الأندلس.[٥]


وكان قد خرج كثير من المسلمين من الأندلس، بعد رحيل السلطان محمد الصغير الذي يُكنى بأبي عبد الله، فهاجر المسلمون بعد هجرته إلى بلاد المغرب؛ حيث نصّت المعاهدة التي تَضمنت شروط التسليم أن الملكين الإسبانيين يتكفلان بتوفير السفن التي تنقل المسلمين من الأندلس إلى المغرب مجانًا، ولمدة ثلاثة أعوام.[٥]


وبعد ذلك من أراد الرحيل يدفع دوبلًا عن كل شخص، والدوبل هو عملة ذهبية قديمة كان يتعامل بها الإسبان، فارتحل جزء كبير منهم، ومن بقي منهم عانى القمع والاضطهاد من الإسبان.[٥]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث مجموعة من المؤلفين ، كتاب الموسوعة التاريخية، صفحة 294. بتصرّف.
  2. محمد الخضر حسين، موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين، صفحة 110. بتصرّف.
  3. ^ أ ب محمود شيت خطاب، قادة فتح الأندلس، صفحة 431. بتصرّف.
  4. محمود شيت خطاب، قادة فتح الأندلس، صفحة 432. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت ث مجموعة من المؤلفين ، تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس، صفحة 304. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين ، تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس، صفحة 304-305. بتصرّف.
996 مشاهدة
للأعلى للأسفل