محتويات

نظريات علم الجمال
تطورت الحركة الفنية والنقدية ما بين القرن السادس عشر والقرن العشرين، إضافة إلى ظهور مجموعة من النظريات المهمّة والتي بدورها قامت بالتأثير على الفن التشكيلي والشعر والأدب والموسيقى؛ مما أدى إلى ظهور العديد من المدارس والأدبية والفنية والتشكيلية، وقد كان لنظريات علم الجمال أثر ودور كبير في ظهورها والتأثير عليها.[١]
ومن أهم هذه النظريات ما يأتي:
نظرية التجربة الجمالية
إننا عندما نقوم في بعض الأحيان بتأمل منظر طبيعي أو عمل فني فإننا نشعر بشعور قوي يدفعنا لتكوين موقف تجاهه، وبهذه الطريقة نكون قد مررنا بتجربة احتفظنا من خلالها على موقف جمالي إستطيقي، قد يكون الشيء الذي قمنا بتأمله جميلًا أو جليلًا أو لطيفًا أو هزليًا، إلا أننا قمنا بتأمله من أجل المتعة فقط وليس لسبب آخر، وهذه هي التجربة الجمالية في تتميز عن غيرها أن الوعي الجمالي يستقر عند الموضوع للتمتع به دون غاية أخرى.[٢]
إن التعاطف مع الموضوع هو جوهر الموقف الإستطيقي، وذلك لأن الإدراك الجمالي يتطلب منا التوجه إلى الشيء برغبـة للكشف عن ماهيته، وهو لا يتحدد في حب الموضوع فقط بل في نوعية السلوك تجاهه أيضًا.[٣]
وفي ظل الموقف الإستطيقي يمكننا القيام بعملية الإدراك من حيث تحقق الإدراك لأجل الإدراك، بعيداً عن تأثيرات النزوع النفعي في التعامل مع الأشياء، ومن هنا يمكننا القول أن الموقف الإستطيقي هو عملية انتباه وتأمل متعاطف منزه عن الغرض لأي موضوع للوعي على الإطلاق، من أجل هذا الموضوع ذاته فحسب.[٣]
نظريات المحاكاة
إن المحاكاة هي الترديد الأمين لموضوعات التجربة المعتادة والتي يمكن للإنسان إدراكها، وهي نظرية كانت موجودة في الإنسان منذ القدم، عندما حاول تقليد أشكال الحيوانات ورسمها على جدران كهفه، بغض النظر عن السبب الذي جعله يقوم بهذا التقليد، ويمكن لأي إنسان مهما كانت ثقافته أو الزمن الذي يعيش فيه أو المكان أن يعتقد بهذه النظرية، على العكس من بعض النظريات التي تحتاج إلى مستوى عالٍ من الثقافة الفنية ليستطيع الاعتقاد بها.[٤]
لاقت نظرية المحاكاة اهتمامًا واسعًا لدى النقاد الرومانيين، فدعوا إلى محاكاة الأدب في النصوص وقاموا بوضع مجموعة من الشروط والقواعد لهذه المحاكاة، وقد عملوا على شرحها بشكل وافر وأصبحت نظرية مكتملة الجوانب لا يمكن لأي كاتب جيد الاستغناء عنها، وقد تم هذا الشرح على يد الناقد الروماني كانتليان.[٥]
النظرية الانفعالية
ظهرت مجموعة من المدارس التي تهتم بالانفعالات والأحاسيس والتعبير عنها، وتعتبر المدرسة الرومانتيكية إحدى أبرز هذه المدارس، فقد كانت تهتم بالانفعال والابتكار والخيال، فالانفعالية والحرارة الشديدة كانت انطلاق لرغباتهم وأفكارهم وأحلامهم.[٦]
وقد عمل هؤلاء الانفعاليون على البحث عن التأثير الذي يقوم العمل الفني بإحداثه، كما بحثوا عن قصْد الفنان الذي عبر عنه في عمله، وتوجهوا إلى شخصية الفنان وحاولوا تحليلها وتفسيرها وفهمها من خلال عمله الفني، فالفن في نظرهم هو سجل لانفعالات الإنسان، وطريقة لتوضيحها.[٦]
النظرية السيكولوجية
لم يؤمن أصحاب هذه النظرية بأن الفن هو عبارة عن تعبير عن الانفعال أو انعكاس للواقع المدرك والمحسوس، بل توجهوا إلى دراسة الواقع الباطني عند الإنسان، مثل أحلامه أفكاره ورغباته المكبوتة، وحاولوا تفسير سلوك الإنسان والتعرف على دوافعه.[٧]
ومن أبرز مفكريهم سيجموند فرويد الذي رأى أن الرغبات النفسية المكبوتة هي أساس السلوك عند الإنسان، ثم أظهر أن الغريزة الجنسية تحتل المكان الأول بين الرغبات، وبما أن هذه الرغبات لا يمكن إشباعها عن طريق المجتمع، فقد بحث الإنسان عن طريقة لإشباعها بعيدًا عن الواقع، حتى اهتدى إلى التخييل.[٧]
النظرية الشكلية
اعتبرت هذه النظرية تحدٍ للنظريات فهي لم تقوم بالالتفات إلى القيمة الشعورية والانفعالية الموجودة في العمل ولم تهتم بمقدار المشابهة مع الواقع، كما أنها لم تتوجه لمعرفة الواقع الباطني للفنان أو التعبير عنه، فقد قامت بتعريف الفن الجميل على أنه عناصر مميزة للتصوير والنحت تكون بشكل منظم في أنموذج ذي قيمة جمالية.[٨]
نظرية الجمال الفني
إن أصحاب هذه النظرية لم يقوموا بمعارضة أي فكرة من أفكار النظرية السابقة، بل أنهم اعتبروا الفن الجميل إبداعًا بشريًا قد يكون ممتعًا، أو طريفًا أو جميلًا، هدفه أن يجذبنا إستطيقيا، في حين اعتقد البعض أن الهدف الإستطيقي ليس الهدف الوحيد في الفن وأن هناك أهدافًا أخرى. [٩]
وقد كان مونرو من الأشخاص الذين أيدوا هذا الرأي، فقام جوتشوك بالرد عليه بقوله أنه مهما كان هدف الفنان يمكن أن يندرج تحت هدف إنتاج موضوع إستطيقي، لأنه يمكن ترجمة جميع الأهداف إلى عبارات تتعلق بالإدراكية، في حين كان رأي جيروم أن النظرية تكون واضحة ودقيقة حين نقول إن جميع الأهداف يمكن أن تكون إستطيقية مهما كانت.[٩]
يقول ديوي أنه حين يتم تذوق موضوع ممتع من الجانب الإستطيقي ونظن أنه ناتج عن القدرة البشرية، ثم يتبين أنه مظهر طبيعي من مظاهر البيئة، فعندئذ لا نقوم بتسميته عملًا فنيًا لأنه يحدث فارقًا في الإدراك التذوقي مباشرة فحين نتذوق موضوعًا فنيًا نعي الخصائص والصفات التي تشير إلى أصله وطريقة إنتاجه.[٩]
لكن هذه الخصائص والصفات تغيب عند معرفة أن الموضوعَ طبيعي، في حين أن المعترضين عليه يقولون بأن أصل الموضوع لا يعمل على إحداث فارق بالنسبة للمدرك لأنه يقوم بالاستجابة لما هو أمامه بغض النظر عن كونه فنيًّا أم طبيعيًّا.[٩]
المراجع
- ↑ هديل بسام زكارنة، المدخل في علم الجمال، صفحة 49. بتصرّف.
- ↑ هديل بسام زكارنة، علم الجمال، صفحة 52. بتصرّف.
- ^ أ ب حامد سرمك حسن (25/9/2015)، "حامد سرمك حسن : التجربة الجمالية"، الناقد العراقي، اطّلع عليه بتاريخ 23/3/2022. بتصرّف.
- ↑ هديل بسام زكارنة، علم الجمال، صفحة 59. بتصرّف.
- ↑ اوراد محمد كاظم التويجري (7/12/2017)، "نظرية المحاكاة"، جامعة بابل، اطّلع عليه بتاريخ 23/3/2022. بتصرّف.
- ^ أ ب هديل بسام زكارنة، علم الجمال، صفحة 66. بتصرّف.
- ^ أ ب هديل بسام زكارنة، علم الجمال، صفحة 71. بتصرّف.
- ↑ هديل بسام زكارنة، علم الجمال، صفحة 75. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث هديل بسام زكارنة، علم الجمال، صفحة 78. بتصرّف.