فضل ليلة الإسراء والمعراج

صورة مقال فضل ليلة الإسراء والمعراج

ما هو الإسراء والمعراج؟

يُعرّف الإسراء بأنّه مرافقة سيّدنا محمد -صلّى الله عليه وسلّم- لجبريل -عليه السّلام- ليلاً من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس، ركوباً على البراق، أمّا المعراج؛ فهو صعودهما معاً من المسجدِ الأقصى إلى السماوات العُلا، وقد ورد ذكر هذه الرحلة في القرآن الكريم والسنة النبويّة، وأثبتها الصحابة -رضوان الله عليهم-، قال -تعالى-: (سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصيرُ)[١]وقد كانت عودة النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى مكة المكرمة في الليلة نفسها.[٢]

ما فضل ليلة الإسراء والمعراج؟

إنّ ليلة الإسراءِ والمعراجِ ليلةٌ عظيمةٌ، ولها في السيرة النبوية قدرٌ كبير؛ وقد تحدّث العلماء وكتّاب السيرة عن فضائل ليلة الإسراء والمعراج، وفيما يلي بيان فضل ليلة الإسراء والمعراج بالتفصيل.

معجزة أيّد الله بها النبي

من فضائل رحلة الإسراء والمعراج أنّها مُعجزة كبرى من المُعجزات التي أيّد الله بها نبيّه، صلّى خلالها بالأنبياء، والتقى بهم في السماوات، ورأى من آياتِ ربّه الكبرى، وشاهد جبريل على صورته التي خلقه الله عليها، وصعد حتى وصل إلى سدرة المنتهى، قال تعالى: (أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى* وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى* عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى*عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى* إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى* مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى* لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى).[٣][٤]

فرض الصلاة في ليلة الإسراء والمعراج

من فضائل ليلة الإسراء والمعراج أنّ الله تعالى فرض أعظم العبادات فيها، وهي الصلاة، وفي ذلك بيانٌ لفضل الصلاة كذلك؛ حيث إنّ الله تعالى فرضها من فوق سبع سماوات على النبي مباشرةً بلا واسطةٍ، في حين أنّ غيرها من الفروض والعبادات كان الوحي يتنزّل بها إلى رسول الله، وفي ذلك دليل على أهميّة الصلاة وعظم مكانتها، وقد فرضها الله خمسين صلاةً في اليوم والليلة في البداية، ثمّ راجعه النبي فيها؛ خفّفها إلى خمس صلواتٍ بأجر خمسين.[٥]

حادثة شقِّ الصدر

من فضائل ليلة الإسراء والمعراج حصول حادثة شق صدر النبي فيها، حيث أرسل الله جبريل فشقّ صدره وغسل قلبه بماء زمزم وملأه إيماناً وحكمةً، وفي ذلك تهيئة للنبي -عليه الصلاة والسلام- لما سيواجهه ويلقاه في رحلة الإسراء والمعراج معنوياً وجسدياً.[٦]ً

درس في الأخذ بالأسباب والتوكل على الله

من أعظم فضائل ليلة الإسراء والمعراج، وأبرز الدروس المستفادة منها: الأخذ بالأسباب والتوكل على الله تعالى، وقد ظهر ذلك في ليلة الإسراء والمعراج حين أرسل الله جبريل إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ليحمله على البراق، وهو دابّةٌ تُشبه سائر الدّواب، وحجمه متوسطٌ بين الحمار والبغل؛[٧] فأعزّ الله تعالى نبيّه وكرّمه كما يكرِم أهل الجنّة بدخولها راكبين، وقد أخذ رسول الله بالأسباب؛ فلمّا نزل عنها ربطها كي لا تفلت، وهو أمرٌ لا يتنافى مع التوكُّل، كما أنّ النبي رغم إعجاز الرحلة لم يخف؛ إيماناً بالله وتوكلاً عليه أنّه لا يضيّعه.[٥]

إمامة النبي للأنبياء

من فضائل ليلة الإسراء والمعراج أنّ النبي صلّى فيها إماماً بالأنبياء عليهم السلام، وفي هذا دلالة على عموم رسالة النبيِّ محمد وعالميّتها، وفيه دلالة كذلك على أنّ رسالة سيّدنا محمد هي الرسالة الخاتمة لجميع الرسالات السماوية، والإمامة بحدّ ذاتها تدلّ على الاقتداء، فقد اقتدى به الأنبياء حينما صلّوا خلفه، وكانت دعوتهم جميعاً إلى الإيمان بالله والابتعاد عن الشرك، كما ربطت هذه الرحلة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، ودعت إلى شدّ الرحال إليهما، والعمل على تطهير مثل هذه الأماكن المقدسة من كل شرك.[٥][٨]

التخفيف عن رسول الله ومواساته وتثبيته

من فضل ليلة الإسراء والمعراج أنّها جاءت تخفيفاً على النبي ومواساةً له؛ فقد لاقى النبي من قومه أذى وإعراضاً كبيراً،[٩] ثم وقعت حادثة الطائف التي رفض فيها أهل الطائف دعوة رسول الله وآذوه،[١٠] وفي ذات الوقت كان قد فقد زوجته خديجة وعمّه أبا طالب، اللّذَيْن كان لهما دور كبير في مناصرته، وحزن رسول الله عليهما حزناً شديداً؛ فكانت رحلة الإسراء والمعراج تخفيفاً من الله تعالى على النبي وتثبيتاً لقلبه.[١١]

درس في قول الحق مهما كانت نتائجه

من فضل ليلة الإسراء والمعراج أنّها تعلّم المسلم درساً في قول الحق وعدم الخشية من تكذيب الناس أو ردة فعلهم؛ حيث أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- قومه بما حدث معه في هذه الليلة، ولم يأبه لتصديقهم له أو تكذيبهم.[٥]


مختصر قصة الإسراء والمعراج

الإسراء من مكة

بعد حادثة الطائف التي رفض فيها أهل الطائف دعوة رسول الله وآذوه، جاءت رحلة الإسراء والمعراج؛ ليثبّت الله بها قلب نبيّه،[١٢] حيث أسرى الله -عزّ وجلّ- بنبيّه بصحبة جبريل -عليه السلام- على دابة البراق ليلاً، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فربط النبيّ الدابة عندما وصل بحلقةٍ على باب المسجد، ودخل وأمّ بالأنبياء -عليهم السلام- وصلى بهم في بيت المقدس.[١٣]

المعراج إلى السماء ولقاء الأنبياء

صعد جبريل بالنبي -عليه الصلاة والسلام- على البراق وعرج به إلى السماء حتى وصلا إلى السماءِ الدنيا، فاستفتح له جبريل ففُتح له ووجد بها آدم -عليه السلام-، ثمّ إلى السماء الثانية فوجد بها يحيى وعيسى بن مريم -عليهما السلام-، ثمّ إلى الثالثة فوجد بها يوسف -عليه السلام-، ثمّ إلى الرابعة فوجد بها إدريس -عليه السلام-، ثمّ إلى الخامسة فوجد هارون -عليه السلام-، ثمّ صعَد إلى السماء السادسة فوجد موسى -عليه السلام-، ثمّ إلى السماء السابعة فوجد إبراهيم -عليه السلام-، وفي كل سماءٍ كان يُرحَّب به، ويُقرّ النبيّ الموجود فيها بنبوّته -عليه أفضل الصّلاة والسّلام-[١٣]

الصعود إلى سدرة المنتهى

صعد النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى سدرة المنتهى والبيت المعمور، وهناك فرض الله -سبحانه وتعالى- عليه خمسين صلاةً، فلما عاد ومرّ على موسى -عليه السلام- سأله عمّا فرضه الله عليه، فأخبره النبيّ، فطلب منه أن يعود ويطلب من الله أنّ يُخفّف عن أمته؛ فنظر سيدنا محمد إلى جبريل فأجابه، فعاد فخفّفها إلى أربعين صلاة، وما زال يفعل ذلك حتى صارت خمس صلواتٍ في اليوم والليلة.[١٣]

ماذا رأى النبي في ليلة الإسراء والمعراج؟

رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- في رحلة الإسراء والمعراج الكثير من آيات الله؛ فغير رؤيته لجبريل -عليه السلام- ودابة البراق، والأنبياء -عليهم السلام-، ورأى الجنّة والنار، ومالك خازن النار، ورأى أصنافاً من أهل النار، ومنهم: من يأكلون أموال اليتامى بغير حقٍّ، ومن يتعاملون بالرّبا، والزُّناة، وكلّ من هؤلاء يُعذَّب في النار بنوعٍ من العذاب، عُرض على رسول الله في هذه الليلة الخمر واللّبن؛ فاختار اللّبن اتساقاً مع الفطرة.[١٣]

إخبار النبي لقومه بقصة الإسراء والمعراج

أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- قومه بعد عودته بما حدث معه في رحلة الإسراء والمعراج، لكنّهم كذّبوه وطلبوا منه أن يصف لهم بيت المقدس، فوصفها لهم وصفاً دقيقاً صحيحاً، ورغم استغرابهم من دِقّة ما يقوله لهم إلّا أنّهم ازدادوا كفراً وإعراضاً وتكذيباً وعناداً، ولم يصدقه حينها إلا أبو بكر -رضي الله عنه-؛ ولذلك سُمّي بالصدّيق.[١٣]


المراجع

  1. سورة الإسراء، آية:1
  2. صالح بن طه عبد الواحد، سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام، صفحة 178. بتصرّف.
  3. سورة النجم، آية:12-18
  4. عمر الأشقر، الرسل والرسالات، صفحة 143. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت ث محمد جميل زينو، مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع، صفحة 457-474. بتصرّف.
  6. عطية سالم، دروس الهجرة، صفحة 5. بتصرّف.
  7. ناصر الدين الألباني، دفاع عن الحديث النبوي، صفحة 72. بتصرّف.
  8. سعيد حوى، الأساس في السنة وفقهها، صفحة 292. بتصرّف.
  9. محمد حسان، دروس للشيخ محمد حسان، صفحة 1. بتصرّف.
  10. أكرم العمري، السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية، صفحة 188. بتصرّف.
  11. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 249. بتصرّف.
  12. صالح المغامسي، لطائف المعارف، صفحة 1. بتصرّف.
  13. ^ أ ب ت ث ج صفي الدين المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 124-127. بتصرّف.

brief ملخص المقال

أُسري بالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- برفقة جبريل -عليه السلام- من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عُرج به إلى السماوات العلا، ولهذه الليلة فضل عظيم، ومن فضل ليلة الإسراء والمعراج: أنّها معجزة كبرى للنبي، وصلّى فيها بالأنبياء ورأى من آيات الله الكبرى، وفي هذه الليلة فُرضت الصلاة على المسلمين، وحدثت حادثة شق صدر النبي، وقد كانت هذه الرحلة تخفيفاً ومواساةً للنبي لما لقيه من أذى قومه، ومن فضائل هذه الليلة أنّها أظهرت أهمية التوكل على الله والأخذ بالأسباب، وقول الحق دون خشيةٍ من تكذيب الآخرين.

brief

faqأسئلة شائعة

  • لم يرد أو يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ هناك دعاءً مخصوصاً لليلة الإسراء والمعراج، ولا ما يُفيد أنّ الدعاء فيها مستجابٌ، إلا أنّ الدعاء مستحبٌّ مطلقاً في كل وقت وحين.[15]

  • تعدّدت أقوال العلماء في وقت وتاريخ ليلة الإسراء والمعراج، فقيل إنّها كانت قبل الهجرة النبوية بسنة، وقيل إنّها كانت في شهر ربيع الأول، وقيل في شهر ربيع الثاني، وهناك من قال إنّها كانت في شهر رجب، ورجّح جماعةٌ من العلماء أنّها كانت في الليلة الثانية عشرة من شهر ربيع الثاني.[15]

  • رحلة الإسراء والمعراج كانت ليلةً واحدةً؛ حيث خرج النبي -عليه الصلاة والسلام- من مكة المكرمة وعاد إليها في الليلة نفسها.[11]

للأعلى للأسفل