محتويات

التحليل الموضوعي لرواية شيفرة بلال
تعد رواية شيفرة بلال من أشهر روايات الكاتب أحمد خيري العمري، الذي يعمل طبيبًا للأسنان في العراق وله أعمال أدبية عديدة،[١] وتناقش الرواية نقطة مهمّة وحساسة يشعر بها كل إنسان يُعاني من نقصٍ ما في حياته، وهي العبودية التي يخلقها البشري في قلب أخيه نتيجة تنمره عليه، واتخاذ نقطة الضعف لديه سلاحًا ضده.[٢]
وتحكي قصة طفل في الرابعة عشر من عمره اسمه بلال يُعاني من مرض السرطان، ويتعرض للتنمر من أصدقائه في المدرسة، ويشعر بلال في داخله بالذل والعبودية، ولكنّه في مرة ما يكتشف أنّ والده سمّاه على اسم صحابي جليل اسمه بلال الحبشي، وكان ذاك الصحابي عبدًا عند أمية بن خلف، فيُحاول أن يقرأ قصة ذلك الصحابي، ليعرف كيف استطاع أن يتخلص من العبودية التي تحكمه.[٢]
في هذه الفترة، يكون هناك فيلم سينمائي تُعرض فيه مجموعة من الصحابة، ويُخرجه شاب مسلم يُدعى أمجد، وهذا الشاب لا يعرف من إسلامه سوى اللفظة فقط، وهو يحب امرأة حبًّا عظيمًا فيصير كأنّه عبد لها، فيتواصل معه بلال ليجسد شخصية الصحابي الحبشي، ويبدأ بلال بالبحث عن شيفرة النجاح التي اتخذها بلال الحبشي للسفر من حياة الذل إلى حياة الغنى، فوجد أنّ الشيفرة هي "أحدٌ أحدٌ"، فالتوحيد هو الشيء الوحيد القادر على تخليص الإنسان من قيود العبودية للمخلوقات، ومن ثم تُحلق الروح في ملكوت الله تبارك وتعالى.[٣]
التحليل الأسلوبي لرواية شيفرة بلال
استطاع أحمد خيري العمري أن يجعل من شيفرة بلال رواية تاريخية واقعية في آنٍ معًا، فالذي يعرف قصة بلال الحبشي يظن أنّه يعرف مجريات الأحداث كافّة التي ستكون فيما بعد، ولكنّ المفاجأة تكون حينما يُسلط الكاتب الضوء على الشخصيات بطريقة مختلفة،[٤] فيرى القارئ الحدث وكأنّه يعرفه للمرة الأولى لما مرّ عليه وقرأه، فقد استطاع أحمد خيري العمري من خلال أسلوبه الشائق أن يتغلّب على رتابة الأحداث التاريخية، التي لا تشد كثير من الأحيان الشباب المعاصر.[٥]
فكثرٌ لا يعرفون مجريات حياة بلال الحبشي، خاصّة أنّه لم يحظَ بشهرة حظي بها أبو بكر الصديق أو عمر بن الخطاب، ولكنّ الكاتب صوّر لنا بلال الحبشي كرجل من هذا الزمان، وكيف أنّ أمية بن خلف لم ينقرض بعد، الموت لا يُنهي الظلم، ولمّا مات مُعذب بلال لم يندثر التعذيب من الأرض، وهذا ما أراد الكاتب أن يُوصله من خلال سرده لأحداث متشابهة ما بين الماضي والحاضر، فدائمًا هناك السيد وهناك العبد، ولكنّ شيفرة النجاة لا تكون إلا بالتمسك بحبائل الله والتوحيد.[٥]
الاستعارة والصور الفنية في رواية شيفرة بلال
استطاع أحمد خيري العمري أن يجعل من روايته لوحة فنية حية يستطيع القارئ أن يُمسك بشخوصها متى شاء، لقد تفنن في الصورة حتى جعلها جزءًا من القارئ وكأنّه هو المتحدث وهو الراوي وهو كل أبطال تلك الرواية، واستطاع أن يُجسّد ألم بلال اليافع الذي لم يبلغ الرابعة عشر من عمره حين قال: "كان هناك التأمل الصامت الخالي من التعبير، يتفرجون علي كما لو كنت عينة مصابة بالسرطان في المدرسة"، لقد هزّت هذه الصورة قارئي شيفرة بلال، وصوّرت جزءًا من المجتمع الخالي من الشفقة حينما يكون ألم أحدهم تسلية للآخر.[٦]
استطاع بلال أن يُصوّر الصراع عن طريق استعارات فنية؛ إذ إنّ الطفل بلال مُقبلٌ على الموت وهو في الرابعة عشر من عمره، ولكنّه غير آبه بذلك، فقد كان يتمنى الموت في كل لحظة بسبب سخرية أصدقائه منه، ولكنّه أتى على شكل سرطان أولًا ليزيح عنه عبء سخرية الناس منه.[٦]
الحوار والسرد في رواية شيفرة بلال
إنّ الحوار والسرد في رواية شيفرة بلال يجعل القارئ مشدودًا إلى الأحداث، خاصّة في عرض الكاتب لمجموعة من المظلومين عبر التاريخ بسبب معتقداتهم أو أصولهم، فبلال الحبشي عُذِّب وظلم لأنّه آمن بالله الأحد، وها هو كونتا كونتي يُعذب من الرجل الأبيض من أجل أن يتخلص من آخر شيء بقي معه وهو اسمه، ليقول أنّ اسمه توبي، صحيح أنّ الرجل الأبيض انتصر في آخر الأمر، وتنازل كونتا كونتي عن اسمه لكنّ بلال لم يتنازل عن إلهه، بل بقي يُنادي أحدٌ أحدٌ.[٧]
"ما هو اسمك؟ كان يرد عليه كونتا كونتي، فتنهال عليه سياط الرجل الأبيض، ما هو اسمك؟ كان على وشك الموت عندما جاءه السؤال ما هو اسمك؟ فقال توبي"، كان هذا الحوار ما بين الجلاد والضحية، الضحية التي تتنازل عن كل شيء لحظة الموت إلا أن بلال لم يتنازل عن ربه ودينه.[٧]
تحليل شخصيات رواية شيفرة بلال
وردت في رواية بلال مجموعة من الشخصيات التي أثرت في سير الرواية، ومن أهمها ما يأتي:[٨]
- بلال الأمريكي: مراهق في الرابعة عشر من عمره، يُصاب بالسرطان الذي يكون بوابة له لرؤية العالم من زاوية أخرى، وهي زاوية الظلم والاستعباد وكيف يُمكن للشخص أن يتمرّد على قيد الذل والمهانة.
- أمجد: شاب غير متديّن، ولكنّه وُلد لأبوين مسلمين على الأقل بالهوية، لكنّه يتغير من خلال مراسلات بلال له فيما بعد، فقد كان أمجد هو ظل الأبوة المفقود لبلال.
- كريستين: المرأة التي يولع أمجد بها، ولكنّها تُعامله بكبرياء وتغطرس كبيرين، وتُحلل جميع تصرفاته معها من زاوية نفسية.
آراء نقدية حول رواية شيفرة بلال
لم تحظَ رواية شيفرة بلال بالكثير من الآراء النقدية حولها، ولكن ورد فيها رأي للدكتور صلاح جمعة يقول فيه: "الرواية تناقش قضية إنسانية عقائدية، وقد ربط الكاتب بين أحداث هذه القصة التي بطلها بلال الأمريكي بشخصية إسلامية وهو بلال الحبشي فكلاهما عانى من العنصرية".[٩]
شيفرة بلال الرواية التي وصلت ما بين الحاضر والماضي، ليكون العامل المشترك بينهما قيود الذل والعبودية، ولكن ما هي الشيفرة التي تكسر ذلك القيد الرصين، إنّها "أحدٌ أحدٌ" في الظروف والعصور كافّة.
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين، أرشيف منتدى الألوكة. بتصرّف.
- ^ أ ب "شيفرة بلال"، أبجد، اطّلع عليه بتاريخ 13/9/2021. بتصرّف.
- ↑ "شيفرة بلال"، كود ريدز، اطّلع عليه بتاريخ 13/9/2021. بتصرّف.
- ↑ "شيفرة بلال"، نور بوك، اطّلع عليه بتاريخ 13/9/2021. بتصرّف.
- ^ أ ب أحمد خيري العمري، شيفرة بلال، صفحة 5. بتصرّف.
- ^ أ ب أحمد خيري العمري، شيفرة بلال، صفحة 28. بتصرّف.
- ^ أ ب أحمد خيري العمري، شيفرة بلال، صفحة 61. بتصرّف.
- ↑ صلاح جمعة، حكيمة توم، البعد النفسي للشخصيات في رواية شيفرة بلال، صفحة 39. بتصرّف.
- ↑ صلاح جمعة، حكيمة توم، البعد النفسي للشخصيات في رواية شيفرة بلال، صفحة 35. بتصرّف.