محتويات

شرح الفرق بين المسلم والمؤمن
إنّ الحديث مع الأطفال عن الإيمان والإسلام من الأمور المهمّة في حياتهم، ولكنّهم قد يتساءلون عن الفرق بين المسلم والمؤمن، وسيتمّ في هذا المقال ذكر أهم ما يُميّز بينهما من خلال التعريف وسياقهما في القرآن ونحو ذلك، ولكن على المُربّي محاولة تبسيط المعلومات قدر الإمكان عند شرحها للأطفال.
ولا بدّ من الإشارة قبل ذلك إلى أنّ لفظ الإيمان والإسلام إذا ذُكِر كلّ واحدٍ منهم منفرداً كان يتضمّن معنى الآخر، فإذا ذُكرا معاً في نفس السّياق كان لكلٍّ منهم مدلولٌ خاص، لِذا يقول أهل العلم: "إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا"،[١] ونذكر الفرق من عدّة حيثيات فيما يأتي:
الفرق من حيث تعريف الإسلام والإيمان
عرّف العلماء الإسلام والإيمان بتعريفاتٍ متعدِّدةٍ ومتقاربةٍ، ومنها:[٢]
- تعريف الإسلام
هو الاستسلام لله -تعالى-، وللإسلام خمسة أركان وهي: الشهادتان، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، والحجّ لمن استطاع إليه سبيلاً، وهذه الأركان تعتبر دليلًا واضحًا على أنّ هذا الإنسان مسلمٌ.
- تعريف الإيمان
هو الاعتقاد بصحة أركان الإيمان الستة وتصديقها والعمل بمقتضاها، وهي: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، والإيمان تصديقٌ بالقلب، واعترافٌ باللسان، وعملٌ بالجوارح.
ولا يمكن أن يكون الإنسان مؤمنًا إذا لم يستقرّ الإيمان في قلبه، ويصدّق به في قوله ولسانه، وتعمل جوارحه في طاعة الله -تعالى-، وبناءً على تعريف الإسلام والإيمان فإنّ الفارق بينهما أنّ الإسلام متعلِّقٌ بأداء الشعائر والأركان؛ فهو أمرٌ ظاهريٌّ، أمّا الإيمان فيشمل أداء الشعائر إضافةً إلى التصديق بالله تعالى بالقول مع اليقين به -سبحانه وتعالى- في القلب.
الفرق بين الإسلام والإيمان في القرآن
يقول الله -تعالى-: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ)،[٣] وتُبيّن لنا هذه الآية الكريمة أنّ هناك فرقًا بين الإيمان والإسلام، وذكرت كتب التفسير ما ملخّصه أنّ بعض الأعراب جاؤوا إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعلنون إسلامهم، ثم بدأوا يمنّون على الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنّهم آمنوا به ولم يقاتلوه؛ لكي يعطيهم مالًا.[٤]
وهنا أخبر الله -تعالى- نبيّه -صلى الله عليه وسلم- أن يخبرهم أنّهم مسلمون فقط، ولم يدخل الإيمان بعد في قلوبهم؛ فلو أن الإنسان نطق الشهادتين بلسانه وأدى الصلوات والعبادات الظاهرة بجسمه دون أن يستشعر معاني الإيمان في قلبه ودون أن يصدق قلبه ما قاله لسانه من إيمان بالله، وكان سبب إظهاره للشعائر من أجل الناس والأموال فهو مسلم ولا يسمى مؤمناً.[٤]
كل مؤمن مسلم وليس العكس
يتردّد بين العلماء قولهم: "كلّ مؤمنٍ مسلمٌ وليس العكس"، وهي عبارةٌ تؤكّد أنّ ثمّة فرقًا بين المسلم والمؤمن، ويمكن إيضاح ذلك بما يأتي:[٥]
- الإيمان يكون في القلب والجوارح واللسان
حيث إنّ الإنسان يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، ومن كان قلبه مصدِّقًا بكلّ هذه الأمور حقّ التصديق؛ فإنّ هذا سيظهر على جوارحه، فلن يكذّب لسانه؛ لأنّ الكذب ينافي الإيمان والذي هو بمعنى التصديق، ولن يسرق؛ لأنّه يؤمن بقدر الله -تعالى-، وأن ما لم يكتبه الله له من الرزق فلن يحصّله بالحرام، وهكذا.
- كل مؤمن لا بد وأن يكون مسلمًا
لأنّه لا يُتصوّر أن يدّعي أحدٌ الإيمان ولا يعمل بمقتضى الإسلام، ولا يستطيع الإنسان أن يصف أيّ أحدٍ بالإيمان؛ لأنّ الإيمان أمرٌ قلبيٌّ بين العبد وربه، أمّا الإسلام فأمرٌ ظاهرٌ، وكلّ من قال أنا مسلمٌ فليس لأحدٍ أن ينفي إسلامه.
- ليس كلّ مسلمٍ مؤمناً
لأنّ الإيمان أمرٌ خفيٌّ في القلب، ولا يستطيع الإنسان أن يحكم على أحدٍ أنّه مؤمنٌ أو غير مؤمنٍ إلا بما يُظهره من الأقوال والأفعال.
المراجع
- ↑ حسن الزهيري، شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي، صفحة 10، جزء 44. بتصرّف.
- ↑ عبد الله بن جبرين، شرح العقيدة الطحاوية، صفحة 6. بتصرّف.
- ↑ سورة الحجرات، آية:14
- ^ أ ب البغوي، تفسير البغوي، صفحة 349. بتصرّف.
- ↑ ناصر العلي، مجمل أصول أهل السنة، صفحة 9. بتصرّف.