محتويات

تعريف الربانيّ
ورد لفظ الربّانيّ أو الربّانيَّة كصفةٍ للعلماء الذين يريدهم الله تعالى، كما جاء في الآية الكريمة: (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ)،[١] وقد اختلف المفسّرون في الأصل الذي ترجع إليه كلمة ربّاني على أقوالٍ بيانها آتيًا:[٢]
- القول الأول: قيل إنّ أصل كلمة ربّانيّ يرجع إلى الربّ؛ دلالةً على التمسّك بأمر الله وشرعه.
- القول الثاني: قيل إنّ ربّانيّ أصلها من التربية، والمراد الفقهاء والعلماء، وقيل الراسخون في العلم، وقيل هم الذين يربّون المتعلّمين.
- القول الثالث: قيل إنّ الربانيّ هو الكامل في علمه وعمله.[٣]
- القول الرابع: قيل إنّ أصل الكلمة يرجع إلى العبرانيَّة أو السريانيّة، ومعناها العالم.
وعلى وجه الإجمال؛ فإنّ الربانيّ هو العالم العامل بعلمه، المتمسّك بدين الله تعالى وشرعه، الطائع له، والذي يقود الناس على بصيرةٍ وهدى.
صفات العلماء الربانيين
فيما يأتي ذكرٌ لأبرز صفات العلماء الربّانيّين كما بيّنها العلماء والمفسّرون.
الرسوخ في العلم
إنّ من أبرز صفات العلماء الربّانيين أنّهم راسخون في العلم الإلهيّ؛ أي العلم القائم على الوحي، وهم بذلك ورثةٌ للأنبياء، في حملهم للعلم وتبليغه والدعوة إليه، وفي ذلك يقول ابن قيّم الجوزية -رحمه الله-: "ورثة الرسل وخلفاؤهم في أممهم، وهم القائمون بما بعثوا به علماً وعملا ودعوة للخلق إلى الله على طرقهم ومنهاجهم، وهذه أفضل مراتب الخلق بعد الرسالة والنبوة، وهؤلاء هم الربانيون وهم الراسخون في العلم وهم الوسائط بين الرسول وأمته فهم خلفاؤه وأولياؤه وحزبه وخاصته وحملة دينه".[٤]
التمسّك بالمنهج النبويّ ومنهج السلف الصالح
فالعلماء الربّانيّون يتمسّكون بمنهج النبوة؛ أي المنهج المستند على سنته -صلى الله عليه وسلم- وهديه، وهدي الخلفاء الراشدين من بعده، ويتركون البدع ويبتعدون عن محدثات الأمور التي لم يوردها الشرع ويقبلها.[٤]
الخوف من الله تعالى وخشيته
إنّ العلماء الربّانيين هم أكثر الناس خوفًا من الله تعالى وخشيةً له، وقد قال الله تعالى فيهم: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)،[٥] وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا).[٦][٤]
الصبر والثبات
إنّ من أبرز صفات العلماء الربَّانيين صبرُهم على أداء أوامر الله تعالى، وعلى ترك نواهيه، ودعوتهم إلى الخير، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر. [٤]
العمل بما علموا وتعليمه
فالعلماء الربّانيّون يجدّون ويجتهدون في طلب العلم والفهم عن الله تعالى، ويعلّمون الناس العلم ويربّونهم عليه، بالحكمة والحِلم، فلا يُعلّمون إلا ما فقهوه وفهموه حقًّا وأدركوه تمام الإدراك.[٤]
دور العلماء الربانيين
إنّ للعلماء الربّانيّين دورًا عظيمًا، ومهمَّةً جسيمةً تجاه الأمّة، ومن أهم هذه المهمّات ما يأتي:[٤]
- تبليغُ الحقّ، وبيانه للناس، وعدم كتمانهم للعلم.
- تنقية العلم من الشوائب، والانحرافات، والتزييفات.
- تعليم الناس ما يحتاجونه من علوم القرآن الكريم، والسنة النبوية، والعملُ على تزكيتهم بالعلم القائم على هذين الأصلين؛ فيعلمونهم الحلال والحرام، ويبيّنون لهم طريق الخير، والشّر، ويدعونهم إلى الله، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، وعن هذا الدور للعلماء يقول ابن القيم : "والعالمُ الَّذِي قد عرفَ السُّنةَ والحلالَ والحرامَ وطرقَ الخيرِ والشَّرِّ؛ ففي مخالطتهِ الناسَ وتعليمهم ونصحِهم في دينهم أفضلُ منَ اعتزالهِ وتفريغِ وقتهِ للصلاةِ وقراءة القرآنِ".
المراجع
- ↑ سورة آل عمران، آية:79
- ↑ "معنى قوله تعالى (كُونُوا رَبَّانِيِّين)"، إسلام ويب، 6/7/2002، اطّلع عليه بتاريخ 25/4/2022. بتصرّف.
- ↑ "معنى رباني"، معجم المعاني.
- ^ أ ب ت ث ج ح النميري بن محمد الصبار (12/1/2012)، "العلماء الربانيون ودورهم الرسالي نحو الأمة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 25/4/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة فاطر، آية:28
- ↑ سورة الإسراء، آية:107