شيوخ المذهب الحنفي

شيوخ المذهب الحنفي
أنتج المذهب الحنفي على مرّ التاريخ الإسلامي عدداً كبيراً من العلماء، بحيث أمسى من العسير أن يعدهم العادّ، ولكن سنذكر أهم العلماء الذين ما زال طلاب العلم والباحثون يرجعون إليهم، ويعتمدون على مصنفاتهم في التحقيق العلمي، على مستوى الفقه الحنفي، أو على مستوى الفقه الإسلامي بشكل عام، ومن هؤلاء العلماء نذكر ما يأتي:


القاضي أبو يوسف

هو يعقوب ‌بن ‌إبراهيم ‌من سلالة الأنصار، وهو أول من سمي بقاضي القضاة، كان من المحدثين، روى عن عدد كبير منهم: سليمان التيمي، ويحيى بن سعيد الأنصاري، والأعمش، وغيرهم كثير، ولكن غلب عليه الفقه، وميوله للرأي والتفريع في الفقه، والتعليلات الفقهية والاستنباطات العقلية.[١]

وكان من أجلّ أصحاب أبي حنيفة، حتى قيل: لولا أبو يوسف ما عرف الناس أبو حنيفة؛ لأنه نشر مذهبه وكتبه، وكان أبو حنيفة يصفه بأنه أعلم أهل الأرض، ومات سنة 182 عن قرابة سبعين عاماً.[١]

محمد ‌بن ‌الحسن ‌الشّيبانيّ

محمد ‌بن ‌الحسن ‌بن ‌فرقد الشّيبانيّ، ولد بواسط، ونشأ بالكوفة، سمع الحديث من الكبار، تتلمذ في الحديث على مالك، وغيره، ولكنه صحب أبا حنيفة، فغلب عليه الفقه، فلما توفي أبو حنيفة صحب القاضي أبا يوسف، وهو من مدرسة أهل الرأي، مدرسة أبي حنيفة وأبي يوسف.[٢]

ومن أجلّ تلامذته الشافعي، وأحمد بن حنبل، قال فيه الشافعي: "كان محمد بن الحسن إذا أخذ في المسألة كأنه قرآن ينزل، لا يقدم حرفا ولا يؤخره"، ومات سنة 189، وعمره 58 سنة.[٢]

السَّرَخْسي

محمد ‌بن ‌أحمد ‌بن ‌أبي ‌سهل أبو بكر ‌‌السَّرَخْسي، شمس الأئمة، أحد رؤوس الأحناف، كان فقيها أصوليا متكلما، وقد كان من عجائب الدهر، علما وفضلا، وصبرا واحتسابا، صاحب كتاب المبسوط، الذي هو من أفضل كتب الحنفية وأوسعها، إن لم يكن أفضلها.[٣]

وسجنه أحد الأمراء؛ لأنه رفض أن يفتيه على هواه، فألف المبسوط، وهو في السجن، ينسخ من ذاكرته وعقله، في خمسة عشر مجلدا، من أشهر شيوخه الإمام الحلواني الحنفي، ومات سنة 490.[٣]

الكاساني

‌‌علاء الدين، أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني، كان من أمراء كاسان، وهي بلدة من بلاد الترك، عالم كبير، أصولي فقيه، كبير الشأن، طلب العلم على العلاء السمرقندي، صاحب تحفة العلماء، وتزوج ابنته العالمة فاطمة.[٤]

وطلب إليه الأمير نور الدين زنكي التدريس بالمدرسة الحلاوية المعروفة بمسجد السراجين في حلب، فاستجاب، فدرس فيها الفقه والحديث، من أجلّ كتبه، كتاب بدائع الصنائع، وهو من أجلّ مراجع الحنفية، والفقه الإسلامي، ومات سنة 587.[٤]

المرغيناني

علي ‌بن ‌أبي ‌بكر ‌بن ‌عبد ‌الجليل الفرغاني، ‌المرغيناني، كان إماماً فقيهاً، حافظاً محدثاً، مفسراً، شاعراً أديباً، من أوعية العلم، طلب العلم على النسفي، وعلى الإمام ابن مازهْ، من أجلّ كتبه، بداية المبتدي، وهو من أشهر متون الفقه عند الحنفية، حيث كثر شراحه.[٥]

وقد شرح المرغيناني متنه هذا، في كتاب كبير، اسمه كفاية المنتهي، ثم اختصره، بكتاب الهداية، وهو من أشهر مراجع الحنفية، ومات المرغيناني -رحمه الله تعالى- سنة 593.[٥]

الكمال بن الهمام

‌محمد ‌بن ‌عبد ‌الواحد بن عبد الحميد، الكمال بن همام الدين السيواسي، الحنفي، كان فقيهاً، عالماً، مفرط الذكاء، طلب العلم صغيراً، بمساعدة جدته لأمه، حيث مات أبوه، وهو صغير، من شيوخه: البساطي، والعز بن جماعة.[٦]

وأقبل في آخر عمره على طلب الحديث والتفسير، وكان من أهل الفصاحة والبهاء، كثر الدارسون عليه؛ لتنوع علومه وإتقانه، من أشهر كتبه، فتح القدير في شرح الهداية للمرغيناني، ومات الكمال -رحمه الله تعالى- سنة 861.[٦]

ابن ‌نجيم الحنفي

زين الدّين، بن إبراهيم بن محمد بن محمد الشهير بابن ‌نجيم الحنفي، أحد مشاهير الفقه الحنفي، وكان عالما بالأصول، أخذ العلم عن ابن قطلوبغا، والبرهان الكركي، اهتمّ ابن نجيم بالتأليف في قضايا عصره، وما يحتاج الناس إليه في زمانه، من أشهر كتبه، البحر الرائق في شرح كنز الدقائق، وله كتاب عظيم في الأشباه والنظائر، وغيرها من المصنفات، ومات ابن نجيم -رحمه الله تعالى- سنة 970.[٧]

ابن عابدين

محمد ‌أمين ‌بن ‌عمر ‌بن ‌عبد ‌العزيز بن أحمد بن عبد الرحيم ‌عابدين، الدمشقي، كان رحمه الله من رؤوس الحنفية في الشام، وإمام الحنفية في عصره، وكان عالماً في الفقه والتفسير واللغة والنحو، ألف وصنف في شتى العلوم.[٨]

ومن أشهر كتبه: حاشية ابن عابدين، وهي حاشية على الدر المختار للحصكفيّ، والتي أصبحت مرجع الأحناف من بعده، ولم يؤلَف في الفقه الحنفي بعدها مثلها، وله حاشية على البحر الرائق، وغيرها من الحواشي والكتب الجليلة، ومات سنة 1252.[٨]

المراجع

  1. ^ أ ب ابن خلكان، وفيات الأعيان، بيروت:دار صادر ، صفحة 378-382، جزء 6. بتصرّف.
  2. ^ أ ب النووي، تهذيب الأسماء واللغات، بيروت - لبنان:دار الكتب العلمية، صفحة 80-81. بتصرّف.
  3. ^ أ ب عبد القادر بن محمد بن نصر الله القرشي، الجواهر المضية في طبقات الحنفية، كراتشي:مير محمد كتب خانه ، صفحة 28-29، جزء 2. بتصرّف.
  4. ^ أ ب عمر بن أحمد بن أبي جرادة ابن العديم ، بغية الطلب في تاريخ حلب، صفحة 4347، جزء 10. بتصرّف.
  5. ^ أ ب أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي (1324)، الفوائد البهية في تراجم الحنفية، مصر:دار السعادة ، صفحة 141. بتصرّف.
  6. ^ أ ب شمس الدين السخاوي، الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، بيروت:منشورات دار مكتبة الحياة ، صفحة 127-132، جزء 8. بتصرّف.
  7. ابن العماد الحنبلي (1406)، شذرات الذهب في أخبار من ذهب (الطبعة 1)، دمشق وبيروت:دار ابن كثير، صفحة 523، جزء 10. بتصرّف.
  8. ^ أ ب عبد الرزاق البيطار (1413)، حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر (الطبعة 2)، بيروت : دار صادر، صفحة 1230. بتصرّف.
6600 مشاهدة
للأعلى للأسفل